للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ خَيْلٌ حُبُسٌ آجَرَهَا لِيُقَاتَلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهِيَ لَهُ أَوْ لَيْسَتْ لَهُ، فَقَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ.

لِأَنَّ مَنْ جَعَلَهَا حَبْسًا فَقَدْ جَعَلَهَا لِلَّهِ خَالِصًا. بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ لِاكْتِسَابِ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلِأَنَّ صَاحِبَهَا إنَّمَا أَعَدَّهَا لِاكْتِسَابِ (ص ٣١٣) الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ بِالْقِتَالِ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاكْتِسَابُ الْقَيِّمِ الْمَالَ بِهَا فِي الدُّنْيَا يَكُونُ تَغْيِيرًا لِلشَّرْطِ.

١٧٣٣ - وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} [البقرة: ١٨١] . فَإِنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُونَ فَلَهُمْ سِهَامُ الْفُرْسَانِ. لِأَنَّهُمْ حَصَلُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ فُرْسَانًا وَتَمَكَّنُوا مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهَا وَاسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفَرَسِ بِهِ، وَيَكُونُ عَلَيْهِمْ أُجُورُ الْخَيْلِ لِأَنَّهُمْ اسْتَوْفَوْا الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ، وَحَالُهُمْ كَحَالِ مَنْ اسْتَأْجَرَ الْخَيْلَ مِنْ الْغَاصِبِ، لِأَنَّ الْقَيِّمَ أَوْ الْوَاقِفَ فِيمَا صَنَعَ لَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْغَاصِبُ يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ إذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ بِعَقْدِهِ. وَيَنْبَغِي لِلَّذِي آجَرَهَا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَجْرِهَا وَلَا يَأْكُلُهُ، لِأَنَّهُ اكْتَسَبَهُ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ، فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لِحَقِّ الشَّرْعِ، وَسَبِيلُ مِثْلِهِ التَّصَدُّقُ بِهِ.

- وَإِنْ عَطِبَتْ تَحْتَ بَعْضِ مَنْ اسْتَأْجَرَهَا، أَوْ عَقَرَهَا الْعَدُوُّ، ضَمِنَ الَّذِي آجَرَهَا قِيمَةَ الْفَرَسِ، إنْ شَاءَ الْوَالِي ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ الْقِيمَةَ.

<<  <   >  >>