لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ، بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ يُؤَاجِرُ الْمَغْصُوبَ، فَيَتْلَفُ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ.
- فَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْآجِرِ.
لِأَنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ بِسَبَبِ عَقْدِ ضَمَانٍ. وَإِنْ ضَمِنَ الْآجِرُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِشَيْءٍ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهَذِهِ الْقِيمَةِ فَرَسًا مَكَانَهُ فَيُجْعَلُ حَبِيسًا.
لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا تُسَمَّى قِيمَةً لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْعَيْنِ. وَالْعَيْنُ كَانَ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُجْعَلُ بَدَلَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ أَيْضًا. كَمَا لَوْ قُتِلَ وَغَرِمَ الْقَاتِلُ الْقِيمَةَ. وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْبَدَلُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ إذَا اُشْتُرِيَ بِهِ الْفَرَسُ فَجُعِلَ حَبِيسًا.
لِأَنَّ الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ لَا يَكُونُ حَبِيسًا حَتَّى يُخْرِجَهُ صَاحِبُهُ مِنْ يَدِهِ. لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ، وَالتَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي شَرْطٌ لِتَمَامِ الْوَقْفِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
- فَإِذَا سَلَّمَهُ إلَى الْقَيِّمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ الَّذِي جَعَلَهُ حَبِيسًا أَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْقَيِّمِ، أَوْ يَكُونُ هُوَ الْقَيِّمُ فِيهِ حَتَّى يَمُوتَ فَذَلِكَ جَائِزٌ.
لِأَنَّ التَّسْلِيمَ شَرْطٌ لِإِتْمَامِ الْوَقْفِ، وَقَدْ وُجِدَ. فَالْعَوْدُ إلَى يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرَّ. وَاسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْحَبْسِ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ بِمَا بَلَغَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إنَّمَا أَجَازُوا ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute