وَقَرَّرْنَا الْمَعْنَى فِيهِ، فَالرَّهْنُ قِيَاسُهُ. لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدَيْنِ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ عَلَى صَاحِبِ الْفَرَسِ مَعَ قِيَامِ مِلْكِهِ.
- وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ إصَابَةِ بَعْضِ الْغَنَائِمِ، ثُمَّ أُصِيبَتْ غَنِيمَةٌ أُخْرَى، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، ثُمَّ أُصِيبَتْ غَنِيمَةٌ أُخْرَى، فَصَاحِبُ الْفَرَسِ فَارِسٌ فِي الْغَنِيمَةِ الْأُولَى وَالْأُخْرَى، رَاجِلٌ فِي الْغَنِيمَةِ الْوُسْطَى. لِأَنَّهُ أَزَالَ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ. فَسَوَاءٌ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ فِي حَقِّهِ، بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ حِينَ أُصِيبَتْ الْغَنِيمَةُ الْوُسْطَى. فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَاجِلًا فِي الْغَنِيمَةِ الثَّالِثَةِ أَيْضًا. لِأَنَّ بِالْبَيْعِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْتِزَامَهُ مُؤْنَةَ الْفَرَسِ كَانَ لِقَصْدِ التِّجَارَةِ لَا لِقَصْدِ الْقِتَالِ عَلَيْهِ. فَبَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ عَادَ الْفَرَسُ إلَى يَدِهِ يُجْعَلُ كَالْمُشْتَرِي لِلْفَرَسِ الْآنَ ابْتِدَاءً. وَلَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا ثُمَّ اشْتَرَى فَرَسًا لَمْ يَسْتَحِقَّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ. قُلْنَا بَيْعُهُ الْفَرَسَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُحْتَمَلٌ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِقَصْدِ التِّجَارَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِقَصْدِ اسْتِبْدَالِ هَذَا الْفَرَسِ بِفَرَسٍ آخَرَ يَكُونُ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْقِتَالِ عَلَيْهِ. فَمَا انْعَقَدَ لَهُ مِنْ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَبْطُلُ بِهَذَا الْمُحْتَمَلِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِمَا هُوَ مُتَيَقَّنٌ بِهِ، وَهُوَ زَوَالُ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ. وَإِنَّمَا وُجِدَ ذَلِكَ فِي الْغَنِيمَةِ الْوُسْطَى خَاصَّةً. وَعَلَى هَذَا قَالَ:
١٧٥١ - لَوْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْفَرَسَ وَلَكِنْ اشْتَرَى فَرَسًا آخَرَ مَكَانَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَرَسٌ آخَرُ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رَاجِلًا إلَّا فِي الْغَنِيمَةِ الْوُسْطَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute