للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَقَتَلَ مُسْلِمٌ فَرَسَهُ وَضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهُ فَلَمْ يَشْتَرِ بِهَا صَاحِبُ الْفَرَسِ فَرَسًا حَتَّى أَصَابُوا غَنَائِمَ فَصَاحِبُ الْفَرَسِ فَارِسٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْ انْعَقَدَ لَهُ، وَمَا أَزَالَ الْفَرَسَ عَنْ مِلْكِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنَّمَا تَلِفَ بِغَيْرِ صُنْعٍ مِنْ جِهَتِهِ. فَهُوَ كَمَا لَوْ مَاتَ. فَإِنْ قِيلَ: حِينَ ضَمِنَ الْمُتْلِفُ قِيمَتَهُ فَقَدْ مَلَكَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ الْقِيمَةِ، فَلِمَاذَا لَا يُجْعَلُ هَذَا كَبَيْعِهِ مِنْهُ؟ قُلْنَا: هُوَ مَا قَصَدَ التَّمْلِيكَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قَصَدَ دَفْعَ الْخُسْرَانِ عَنْ نَفْسِهِ بِاسْتِرْدَادِ الْقِيمَةِ مِنْهُ، بَعْدَ تَعَذُّرِ اسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ. إلَّا أَنَّ مِنْ شَرْطِ تَقَرُّرِ مِلْكِهِ فِي الْقِيمَةِ انْعِدَامَ مِلْكِهِ فِي الْأَصْلِ، لِكَيْ لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ. فَكَانَ التَّمْلِيكُ هَاهُنَا ثَابِتًا بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ لَا بِاعْتِبَارِ قَصْدٍ أَوْ فِعْلٍ كَانَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْفَرَسِ، فَلَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّهُ. وَعَلَى هَذَا لَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ ثُمَّ فَرَّ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ فَغَيَّبَهُ وَضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهُ، أَوْ هَرَبَ عَلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا.

١٧٥٦ - وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ غَيَّبَهُ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ الْفَرَسُ فِي يَدِهِ، وَقَدْ كَانُوا أَصَابُوا غَنَائِمَ قَبْلَ غَصْبِ الْفَرَسِ وَبَعْدَهُ، وَبَعْدَ مَا ظَهَرَ الْفَرَسُ، فَمَا كَانَ مِنْ غَنِيمَةٍ قَبَلَ غَصْبِ الْفَرَسِ وَبَعْدَهُ، قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ فَارِسٌ. لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْغَصْبِ لَمْ يَزُلْ، وَإِنَّمَا زَالَ تَمَكُّنُهُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ لَا بِاخْتِيَارِهِ. وَمَا أُصِيبَ بَعْدَ مَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْفَرَسُ أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَهْمُ رَاجِلٍ.

<<  <   >  >>