لِأَنَّ زَوَالَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ، وَقَدْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يَتَلَوَّمَ وَلَا يُعَجِّلَ بِتَضْمِينِ الْقِيمَةِ لَعَلَّ فَرَسَهُ يَظْهَرُ فَيَأْخُذُهُ. فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ طَلَبَ الْقِيمَةَ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا، فَقَدْ صَارَ فِي حُكْمِ الْبَائِعِ لِفَرَسِهِ. فَيُجْعَلُ زَوَالُ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى فَرَسِهِ مُضَافًا إلَى اخْتِيَارِهِ. أَرَأَيْت لَوْ غَصَبَهُ إنْسَانٌ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ الْفَرَسُ لَكَانَ هَذَا فَارِسًا بَعْدَ هَذَا. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ حِينَ اسْتَوْفَى الْقِيمَةَ اشْتَرَى بِهَا فَرَسًا آخَرَ قَبْلَ إصَابَةِ الْغَنَائِمِ، فَحِينَئِذٍ هُوَ يَكُونُ فَارِسًا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، لِقِيَامِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ.
١٧٥٧ - (٣١٨) وَلَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، ثُمَّ بَاعَ فَرَسَهُ وَاسْتَأْجَرَ فَرَسًا وَقَاتَلَ عَلَيْهِ فَأَصَابُوا غَنَائِمَ أَيْضًا، فَهُوَ فَارِسٌ فِي الْغَنَائِمِ الْأُولَى رَاجِلٌ فِي الْغَنَائِمِ الثَّانِيَةِ. لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ إنَّمَا انْعَقَدَ لَهُ بِفَرَسٍ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَالْمُسْتَأْجَرُ لَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْأَوَّلِ فِي إبْقَاءِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمُنْعَقِدِ بِالْفَرَسِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ سَبَبٌ آخَرُ ابْتِدَاءً، لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
١٧٥٨ - وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ فَرَسًا. فَإِنَّهُ مِثْلُ الِاسْتِئْجَارِ أَوْ دُونَهُ.
١٧٥٩ - فَأَمَّا إذَا وُهِبَ لَهُ فَرَسٌ، أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ فَهُوَ فَارِسٌ فِي جَمِيعِ الْغَنَائِمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute