لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَمْلُوكٌ لَهُ، فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْأَوَّلِ فِي إبْقَاءِ مَا انْعَقَدَ بِهِ مِنْ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ. يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ بِاسْتِئْجَارِ الْفَرَسِ وَالِاسْتِعَارَةِ لَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ التِّجَارَةَ بِالْتِزَامِ مُؤْنَةِ الْفَرَسِ الْأَوَّلِ، وَبِالشِّرَاءِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ ذَلِكَ، فَيُمْكِنُ إقَامَةُ الْمُشْتَرَى مَقَامَ مَا بَاعَ. ثُمَّ يُجْعَلُ الْمَوْهُوبُ كَالْمُشْتَرَى، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبَبَيْنِ يُثْبِتُ لَهُ الْمِلْكَ فِي غَيْرِ الْفَرَسِ.
١٧٦٠ - وَلَوْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ دَخَلَ عَلَى فَرَسٍ مُسْتَأْجَرٍ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، ثُمَّ انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ فَأَخَذَهُ صَاحِبُهُ، ثُمَّ أَصَابُوا غَنَائِمَ، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ فَرَسًا آخَرَ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، فَهُوَ فَارِسٌ فِي الْغَنَائِمِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ، رَاجِلٌ فِي الْغَنِيمَةِ الْوُسْطَى. لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ انْعَقَدَ لَهُ بِاعْتِبَارِ فَرَسٍ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِعَيْنِهِ. وَالثَّانِي مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي هَذَا، فَيَقُومُ مَقَامَهُ فِي إبْقَاءِ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ بِهِ، كَمَا قَامَ الْمُشْتَرَى مَقَامَ الْفَرَسِ الَّذِي كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ. وَإِنَّمَا لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَارِسِ فِيمَا أُصِيبَ فِي حَالٍ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ، وَهُوَ الْغَنِيمَةُ الْوُسْطَى. ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي هَذَا الْمَعْنَى بَيْنَ أَنْ يَنْتَهِيَ الْعَقْدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ يُنْتَقَضُ بِمَوْتِ الْمُؤَاجِرِ، أَوْ بِتَقَايُلِ الْإِجَارَةِ فِي الْمُدَّةِ.
١٧٦١ - وَلَوْ كَانَ اسْتَعَارَ فَرَسًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا سَهْمُ رَاجِلٍ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute