للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ؟ وَحَقُّ الِاشْتِرَاكِ يَنْبَنِي عَلَى الْمِلْكِ فِيمَا هُوَ خَاصٌّ. أَلَا تَرَى أَنَّ جَيْشًا لَوْ اقْتَسَمُوا غَنَائِمَ، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْضُ الْجَيْشِ لَمْ يُشَارِكِ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي نَصِيبِهِ؟ وَهَذَا مِمَّا لَا يُشْكِلُ فَإِنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ الْجَيْشِ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ عَلَى مَا أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اسْتِحْسَانًا، وَلَكِنْ إنْ بَقِيَتْ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَقِيَّةٌ. أَعْطَاهُ الْإِمَامُ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَعْطَاهُ عِوَضَ نَصِيبِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ كَانَ أَوْلَى. وَهَذَا نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْغُرْمَ مُقَابَلٌ بِالْغُنْمِ. وَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ تَتَعَذَّرُ قِسْمَتُهُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. فَكَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ سَهْوٌ يُجْعَلُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ.

١٧٩١ - وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى هَذَا الرَّجُلُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَقُوا قِتَالًا بَعْدَ مَا لَحِقَ بِهِمْ، وَأَنَّهُ قَاتَلَ دَفْعًا عَنْ الْمُصَابِ مَعَهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ (ص ٣٢٣) أَنَّهُمْ لَقُوا قِتَالًا بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَلَكِنْ لَا يَدْرُونَ أَنَّ ذَلِكَ الْقِتَالَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ هَذَا الرَّجُلُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا شَرِكَةَ لَهُ مَعَهُمْ، حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ ذَلِكَ. لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ هَاهُنَا الْمُقَاتَلَةُ مَعَهُمْ دَفْعًا عَنْ الْمُصَابِ، وَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ بِقَوْلِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ.

<<  <   >  >>