وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ السَّلَمِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ إِلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنْ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ اثْنَانِ قَالَ أَوْ اثْنَانِ»
ــ
٥٥٥ - ٥٥٧ - (مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) الْأَنْصَارِيِّ (عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي النَضْرِ السَّلَمِيِّ) كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى وَالْأَكْثَرُ غَيْرُ مُسَمًّى، وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيُّ عَنْ أَبِي النَّضْرِ بِأَدَاةِ الْكُنْيَةِ، وَلِبَعْضِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النَّضْرِ، وَلِبَعْضِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، وَلَا يَصِحُّ، وَابْنُ النَّضْرِ هَذَا مَجْهُولٌ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْخَبَرِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي الْمُوَطَّأِ رَجُلًا مَجْهُولًا غَيْرَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَكُنِّيَ تَارَةً بِأَبِي النَّضْرِ، وَهَذَا جَهْلٌ ; لِأَنَّ أَنَسًا نَجَّارِيٌّ لَيْسَ بِسَلَمِيٍّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو حَمْزَةَ بِإِجْمَاعٍ، قَالَهُ فِي التَّمْهِيدِ، زَادَ الدَّانِيُّ: وَأَنَسٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ النَّضْرُ فَلَمْ يُكَنَّ بِهِ، وَجَاءَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ الْمَعْنِيُّ هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَذَكَرَ كَلَامَ التَّمْهِيدِ. وَقَالَ فِي الِاسْتِيعَابِ: مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ ذَكَرُوهُ فِي الصَّحَابَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مُحَمَّدٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَبُو النَّضْرِ، كُلُّ ذَلِكَ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ. فَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ فَجَعَلَ الْحَدِيثَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ، زَادَ الدَّانِيُّ: انْفَرَدَ ابْنُ وَهْبٍ بِهَذَا، قَالَ فِي الْإِصَابَةِ: وَيُبْعِدُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْأَسْلَمِيَّ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ) قَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: سَاقَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ لِقَوْلِهِ (فَيَحْتَسِبُهُمْ) فَجَعَلَهُ تَفْسِيرًا لِلْحَدِيثِ قَبْلَهُ، وَهَكَذَا شَأْنُهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُوَطَّأِ، انْتَهَى. أَيْ يَصِيرُ رَاضِيًا بِقَضَاءِ اللَّهِ رَاجِيًا فَضْلَهُ، فَمَنْ لَمْ يَحْتَسِبْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَعْدِ بَلْ مَنْ تَسَخَّطَ وَلَمْ يَرْضَ بِقَدَرِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْإِثْمِ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ.
(إِلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ وِقَايَةً (مِنَ النَّارِ) وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «لَا يَمُوتُ لِإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبُهُمْ إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ» " وَلِأَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ عُقْبَةَ: " «مَنْ أَعْطَى ثَلَاثَةً مِنْ صُلْبِهِ فَاحْتَسَبَهُمْ عَلَى اللَّهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» " قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ عُرِفَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الثَّوَابَ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النِّيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الِاحْتِسَابِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمُطْلِقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُقَيِّدَةِ، لَكِنْ أَشَارَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى اعْتِرَاضٍ لَفْظِيٍّ بِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْبَالِغِ احْتَسَبَ، وَفِي الصَّغِيرِ افْتَرَطَ، انْتَهَى. وَبِهِ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ أَنْ لَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا فِي مَوْضِعِ هَذَا، بَلْ ذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُ احْتَسَبَ فُلَانٌ بِكَذَا طَلَبَ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِكَبِيرٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute