أَحْمَرُ إِلَى بَيَاضٍ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
(وَلَا) أَيْ: وَلَيْسَ شَعْرُهُ (بِالْجَعْدِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَدَالٍ مُهْمَلَتَيْنِ، أَيْ: مُنْقَبِضِ الشَّعْرِ يَتَجَعَّدُ وَيَتَكَسَّرُ كَشَعْرِ الْحَبَشِ وَالزِّنْجِ (الْقَطَطِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، الْأُولَى عَلَى الْأَشْهَرِ، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، وَلَمَّا وَرَدَ الْجَعْدُ بِمَعْنَى الْجَوَادِ وَالْكَرِيمِ وَالْبَخِيلِ وَاللَّئِيمِ وَمُقَابِلِ السَّبِطِ، وَيُوصَفُ فِي الْكُلِّ بِقَطَطٍ فَهُوَ لَا يُعَيِّنُ الْمُرَادَ، قَابَلَهُ لِتَعْيِينِهِ بِقَوْلِهِ: " وَلَا بِالسَّبِطِ " بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيِ الْمُنْبَسِطِ الْمُسْتَرْسِلِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ شَعْرَهُ لَيْسَ نِهَايَةً فِي الْجُعُودَةِ وَهِيَ تَكَسُّرُهُ الشَّدِيدُ، وَلَا فِي السُّبُوطَةِ وَهِيَ عَدَمُ تَكَسُّرِهِ وَتَثَنِّيهِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ كَانَ وَسَطًا بَيْنَهُمَا وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا.
وَقَدْ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ: رَجِلُ الشَّعْرِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتُسَكَّنُ، أَيْ: مُتَسَرِّحٌ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، أَيْ: هُوَ رَجِلٌ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ عَلِيٍّ: وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ كَانَ جَعْدًا رَجِلًا.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْغَالِبُ عَلَى الْعَرَبِ جُعُودَةُ الشَّعْرِ وَعَلَى الْعَجَمِ سُبُوطَتُهُ، فَقَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَسُولِهِ الشَّمَائِلَ وَجَمَعَ فِيهِ مَا تَفَرَّقَ فِي الظَّرَائِفِ مِنَ الْفَضَائِلِ اهـ.
( «بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً» ) أَيْ: آخِرِهَا، قَالَ الْحَافِظُ: هَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ بُعِثَ فِي الشَّهْرِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ وُلِدَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ بُعِثَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لَهُ حِينَ بُعِثَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَنِصْفٌ أَوْ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ، فَمَنْ قَالَ أَرْبَعِينَ أَلْغَى الْكَسْرَ أَوْ جَبَرَ، لَكِنْ قَالَ الْمَسْعُودِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّهُ بُعِثَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً سَوَاءً، وَقِيلَ: بُعِثَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ: وُلِدَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ شَاذٌّ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا وَضُمَّ إِلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْبَعْثَ فِي رَمَضَانَ صَحَّ أَنَّهُ بُعِثَ عِنْدَ إِكْمَالِ الْأَرْبَعِينَ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ بُعِثَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ وَشَهْرَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وُلِدَ فِي رَجَبٍ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ فِي تَارِيخِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِتْقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ وُلِدَ لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَمِنَ الشَّاذِّ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: " «أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ» " وَهُوَ قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ وَتَبِعَهُ الْبَلَاذُرِيُّ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ.
وَفِي تَارِيخِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ بُعِثَ بَعْدَ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ.
(فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ) أَيْ: يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ.
(وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ) بِاتِّفَاقٍ (وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ: آخِرِهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: مَجَازُهُ كَمَجَازِ قَوْلِهِمْ رَأْسُ آيَةٍ، أَيْ: آخِرُهَا اهـ.
وَصَرِيحُهُ أَنَّهُ عَاشَ سِتِّينَ فَقَطْ.
وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute