وَحَدَّثَنِي مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ»
ــ
١٨٤٦ - ١٧٩٩ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ، (عَنِ الْأَعْرَجِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا يَقُلْ) بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ، وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَقُولَنَّ بِنُونِ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ، (أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ) ، بِمُعْجَمَةٍ، وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، وَهِيَ الْحِرْمَانُ وَالْخُسْرَانُ.
( «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» ) ، أَيِ: الْمُدَبِّرُ لِلْأُمُورِ الْفَاعِلُ مَا تَنْسُبُونَهُ إِلَى الدَّهْرِ مِنْ جَلْبِ الْحَوَادِثِ وَدَفْعِهَا، كَانَ شَأْنُ الْجَاهِلِيَّةِ ذَمَّ الدَّهْرِ عِنْدَ الْحَوَادِثِ، أَوْ عَدَمِ حُصُولِ الْمَطْلُوبِ، فَقَالَ ذَلِكَ رَدًّا لِاعْتِقَادِهِمْ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ، أَيْ: فَإِنَّ جَالِبَ الْحَوَادِثِ وَمُتَوَلِّيهَا هُوَ اللَّهُ لَا غَيْرُهُ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: صَاحِبُ الدَّهْرِ، أَيِ الْخَالِقُ لَهُ، وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ مَقَلِّبُ الدَّهْرِ، وَلِذَا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ: بِيَدَيِ اللَّهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَمَعْنَى النَّهْيِ عَنْ سَبِّهِ أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فَاعِلٌ لِلْمَكْرُوهِ فَسَبَّهُ أَخْطَأَ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْفَاعِلُ، فَإِذَا سَبَّهُ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ.
كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: " «يَسُبُّ بَنُو آدَمَ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ» "، وَفِي رِوَايَةٍ: " «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ» "، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَعْنَاهُ يُخَاطِبُنِي مِنَ الْقَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute