[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهَادَةً تَكُونُ لِلنَّجَاةِ وَسِيلَةً، وَلِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ كَفِيلَةً، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الَّذِي بَعَثَهُ وَطُرُقُ (وَحَالُ) الْإِيمَانِ قَدْ عَفَتْ آثَارُهَا، وَخَبَتْ أَنْوَارُهَا، وَوَهَنَتْ أَرْكَانُهَا، وَجُهِلَ مَكَانُهَا، فَشَيَّدَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ مِنْ مَعَالِمِهَا مَا عَفَا، وَشَفَى مِنَ الْعَلِيلِ فِي تَأْيِيدِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ مَنْ كَانَ عَلَى شَفًا، وَأَوْضَحَ سَبِيلَ الْهِدَايَةِ، لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْلُكَهَا، وَأَظْهَرَ كُنُوزَ السَّعَادَةِ لِمَنْ قَصَدَ أَنْ يَمْلِكَهَا. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ التَّمَسُّكَ بِهَدْيهِ لَا يَسْتَتِبُّ إِلَّا بِالِاقْتِفَاءِ لِمَا صَدَرَ مِنْ مِشْكَاتِهِ، وَالِاعْتِصَامُ بِحَبْلِ اللَّهِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِبَيَانِ كَشْفِهِ، وَكَانَ (كِتَابُ الْمَصَابِيحِ) ، الَّذِي صَنَّفَهُ الْإِمَامُ مُحْيِي السُّنَّةِ، قَامِعُ الْبِدْعَةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْفَرَّاءِ الْبَغَوِيُّ، رَفَعَ اللَّهُ دَرَجَتَهُ أَجْمَعَ كِتَابٍ صُنِّفَ فِي بَابِهِ، وَأَضْبَطَ لِشَوَارِدِ الْأَحَادِيثِ، وَأَوَابِدِهَا، وَلَمَّا سَلَكَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الِاخْتِصَارَ، وَحَذَفَ الْأَسَانِيدَ ; تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ النُّقَّادِ، وَإِنْ كَانَ نَقْلُهُ - وَإِنَّهُ مِنَ الثِّقَاتِ - كَالْإِسْنَادِ، لَكِنْ لَيْسَ مَا فِيهِ أَعْلَامٌ كَالْأَغْفَالِ، فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى، وَاسْتَوْفَقْتُ مِنْهُ فَأَوْدَعْتُ كُلَّ حَدِيثٍ مِنْهُ فِي مَقَرِّهِ فَأَعْلَمْتُ مَا أَغْفَلَهُ، كَمَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الْمُتْقِنُونَ، وَالثِّقَاتُ الرَّاسِخُونَ مِثْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرَيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْأَصْبَحِيِّ. وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ، وَأَبِي عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ مَاجَهْ الْقَزْوِينِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ رَزِينِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعَبْدَرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَلِيلٌ مَا هُوَ.
وَإِنِّي إِذَا نَسَبْتُ الْحَدِيثَ إِلَيْهِمْ كَأَنِّي أَسْنَدْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; لِأَنَّهُمْ قَدْ فَرَغُوا مِنْهُ، وَأَغْنَوْنَا عَنْهُ.
وَسَرَدْتُ الْكُتُبَ، وَالْأَبْوَابَ كَمَا سَرَدَهَا، وَاقْتَفَيْتُ أَثَرَهُ فِيهَا، وَقَسَّمْتُ كُلَّ بَابٍ غَالِبًا عَلَى فُصُولٍ ثَلَاثَةٍ: أَوَّلُهَا: مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَاكْتَفَيْتُ بِهِمَا، وَإِنِ اشْتَرَكَ فِيهِ الْغَيْرُ ; لِعُلُوِّ دَرَجَتِهِمَا فِي الرِّوَايَةِ.
وَثَانِيهَا: مَا أَوْرَدَهُ غَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ. وَثَالِثُهَا: مَا اشْتَمَلَ عَلَى مَعْنَى الْبَابِ مِنْ مُلْحَقَاتٍ مُنَاسِبَةٍ مَعَ مُحَافَظَةٍ عَلَى الشَّرِيطَةِ، وَإِنْ كَانَ مَأْثُورًا عَنِ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ. ثُمَّ إِنَّكَ إِنْ فَقَدْتَ حَدِيثًا فِي بَابٍ، فَذَلِكَ عَنْ تَكْرِيرٍ أُسْقِطُهُ. وَإِنْ وَجَدْتَ آخَرَ بَعْضَهُ مَتْرُوكًا عَلَى اخْتِصَارِهِ، أَوْ مَضْمُومًا إِلَيْهِ تَمَامُهُ فَعَنْ دَاعِي اهْتِمَامٍ أَتْرُكُهُ، وَأُلْحِقُهُ. وَإِنْ عَثَرْتَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي الْفَصْلَيْنِ مِنْ ذِكْرِ غَيْرِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْأَوَّلِ، وَذِكْرِهِمَا فِي الثَّانِي فَاعْلَمْ أَنِّي بَعْدَ تَتَبُّعِي كِتَابَيْ: (الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ) لِلْحُمَيْدِيِّ، وَ (جَامِعَ الْأُصُولِ) اعْتَمَدْتُ عَلَى صَحِيحَيِ الشَّيْخَيْنِ، وَمَتْنَيْهِمَا.
وَإِنْ رَأَيْتَ اخْتِلَافًا فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ فَذَلِكَ مِنْ تَشَعُّبِ طُرُقِ الْأَحَادِيثِ، وَلَعَلِّي مَا اطَّلَعْتُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ الَّتِي سَلَكَهَا الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَلِيلًا مَا تَجِدُ أَقُولُ: مَا وَجَدْتُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، أَوْ وَجَدْتُ خِلَافَهَا فِيهَا.
فَإِذَا، وَقَفْتَ عَلَيْهِ فَانْسِبِ الْقُصُورَ إِلَيَّ لِقِلَّةِ الدِّرَايَةِ، لَا إِلَى جَنَابِ الشَّيْخِ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَهُ فِي الدَّارَيْنِ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ! . رَحِمَ اللَّهُ مَنْ إِذَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ نَبَّهَنَا عَلَيْهِ، وَأَرْشَدَنَا طَرِيقَ الصَّوَابِ. وَلَمْ آلُ جُهْدًا فِي التَّنْقِيرِ، وَالتَّفْتِيشِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ، وَنَقَلْتُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ كَمَا وَجَدْتُ. وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ غَرِيبٍ أَوْ ضَعِيفٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا بَيَّنْتُ وَجْهَهُ غَالِبًا. وَمَا لَمْ يُشِرْ إِلَيْهِ مِمَّا فِي الْأُصُولِ فَقَدْ قَفَّيْتُهُ فِي تَرْكِهِ، إِلَّا فِي مَوَاضِعَ لِغَرَضٍ، وَرُبَّمَا تَجِدُ مَوَاضِعَ مُهْمَلَةً، وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى رَاوِيهِ فَتَرَكْتُ الْبَيَاضَ. فَإِنْ عَثَرْتَ عَلَيْهِ فَأَلْحِقْهُ بِهِ، أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَكُ. وَسَمَّيْتُ الْكِتَابَ بِـ (مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ) ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ، وَالْإِعَانَةَ، وَالْهِدَايَةَ، وَالصِّيَانَةَ، وَتَيْسِيرَ مَا أَقْصِدُهُ، وَأَنْ يَنْفَعَنِي فِي الْحَيَاةِ، وَبَعْدَ الْمَمَاتِ، وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمَاتِ. حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.
اقْتِدَاءً بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَتَخَلُّقًا بِأَخْلَاقِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَاقْتِفَاءً لِلنَّبِيِّ الْكَرِيمِ، حَيْثُ قَالَ: " «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَبْتَرُ» " أَيْ: قَلِيلُ الْبَرَكَةِ، أَوْ مَعْدُومُهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ مِنَ الْبَتْرِ، وَهُوَ الْقَطْعُ قَبْلَ التَّمَامِ وَالْكَمَالِ، وَالْمُرَادُ بِذِي الْبَالِ ذُو الشَّأْنِ فِي الْحَالِ، أَوِ الْمَآلِ، رَوَاهُ الْخَطِيبُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي (كِتَابِ الْجَامِعِ) وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ الْأَبْرَارُ فِي كِتَابَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُتُبِ الْأَشْعَارِ، فَمَنَعَهُ الشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَأَجَازَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَاخْتَارَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ، وَالْأَحْسَنُ التَّفْصِيلُ بَلْ هُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنَّ الشِّعْرَ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ، فَيُصَانُ إِيرَادُ الْبَسْمَلَةِ فِي الْهَجَوَيَّاتِ وَالْهَذَيَانِ وَمَدَائِحِ الظَّلَمَةِ وَنَحْوِهَا، كَمَا تُصَانُ فِي حَالِ أَكْلِ الْحَرَامِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَمَوَاضِعِ الْقَاذُورَاتِ وَحَالَةِ الْمُجَامَعَةِ وَأَمْثَالِهَا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَبُ فِي أَوَّلِ كُتُبِ الْمَنْطِقِ عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ مَسَائِلِهَا، وَكَذَا فِي الْقِصَصِ الْكَاذِبَةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِا، وَالْكُلُّ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: " ذِي بَالٍ " وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، ثُمَّ إِنَّهُ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: " كُلُّ كَلَامٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي (عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) . وَبِلَفْظِ: " «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا الِابْتِدَاءُ بِذِكْرِ اللَّهِ سَوَاءٌ يَكُونُ فِي ضِمْنِ الْبَسْمَلَةِ، أَوِ الْحَمْدَلَةِ ; بِدَلِيلِ أَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الرَّهَاوِيُّ فِي (أَرْبَعِينِهِ) ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَفْظُهُ: " «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» "، أَوْ يُحْمَلُ حَدِيثُ الْبَسْمَلَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ بِحَيْثُ لَا يَسْبِقُهُ شَيْءٌ، وَحَدِيثُ الْحَمْدَلَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ الْإِضَافِيِّ، وَهُوَ مَا بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ، قِيلَ: وَلَمْ يُعْكَسْ لِأَنَّ حَدِيثَ الْبَسْمَلَةِ أَقْوَى فِي الْمِنْهَالِ بِكِتَابِ اللَّهِ الْوَارِدِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ وَيَخْطُرُ بِالْبَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ. إِنَّ تَوْفِيقَ الِافْتِتَاحِ بِالْبَسْمَلَةِ لَمَّا كَانَ مِنَ النِّعَمِ الْجَزِيلَةِ نَاسَبَ أَنْ تَكُونَ الْحَمْدَلَةُ مُتَأَخِّرَةً عَنْهَا لِتَكُونَ مُتَضَمِّنَةً لِلشُّكْرِ عَلَى هَذِهِ الْمِنْحَةِ الْجَمِيلَةِ، هَذَا وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالِابْتِدَاءِ افْتِتَاحٌ عُرْفِيٌّ مُوَسَّعٌ مَمْدُودٌ يُطْلَقُ عَلَى مَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا يُقَالُ: أَوَّلُ اللَّيْلِ وَأَوَّلُ النَّهَارِ وَأَوَّلُ الْوَقْتِ وَأَوَّلُ الدِّيَارِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنَّفِ أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: " «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعٌ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» " أَخْرَجَهُ الرَّهَاوِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَإِنْ قِيلَ بِضَعْفِهِ.
وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» " عَلَى رِوَايَةِ ضَمِّ الْخَاءِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ صَنِيعِ التِّرْمِذِيِّ حَيْثُ أَوْرَدَهُ فِي (بَابِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ) ، وَكَذَا يُفْهَمُ مِنَ اعْتِرَاضِ الشَّيْخِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي تَرْكِهِ الشَّهَادَةَ أَوَّلَ كِتَابِهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ، أَوْ بِأَنَّ رِوَايَتَهُ كَسْرُ الْخَاءِ لَا ضَمُّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.