للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بَابُ الرُّكُوعِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٨٦٨ - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي» "، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

(١٣) بَابُ الرُّكُوعِ.

هُوَ رَكْنٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ لُغَةً الِانْحِنَاءُ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْخُضُوعُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ خَصَائِصِنَا لِقَوْلِ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣] إِنَّمَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ لَا رُكُوعَ فِيهَا، وَالرَّاكِعُونَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣] صَلِّي مَعَ الْمُصَلِّينَ، وَقِيلَ: حِكْمَةُ تَكْرِيرِ السُّجُودِ دُونَهُ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَمُقَدِّمَةٌ لِلسُّجُودِ الَّذِي هُوَ الْخُضُوعُ الْأَعْظَمُ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ أَشْرَفِ مَا فِي الْإِنْسَانِ لِمَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَالنِّعَالِ، فَنَاسَبَ تَكْرِيرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَكَفِّلُ بِالْمَقْصُودِ، حَيْثُ وَرَدَ، أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَقِيلَ: إِنَّمَا كُرِّرَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ مِنَ الْأَرْضِ وَإِلَيْهَا يَعُودُ وَمِنْهَا يَخْرُجُ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى: مِنْهَا خَلَقْتَنِي، وَفِي الثَّانِيَةِ: وَفِيهَا تُعِيدُنِي، وَفِي الرَّفْعِ الثَّانِي: وَمِنْهَا تُخْرِجُنِي تَارَةً أُخْرَى، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ أُمِرُوا بِالسُّجُودِ وَسَجَدُوا رَأَوْا بَعْدَ السُّجُودِ أَنَّ اللَّعِينَ لَمْ يَسْجُدْ فَسَجَدُوا سَجْدَةً ثَانِيَةً شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِ سَجْدَتِهِمْ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>