للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

١٤٨٠ - عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «إِنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَ مُنَادِيًا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: مَا رَكَعْتُ رُكُوعًا قَطُّ، وَلَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

[٥٠]- بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ

أَيْ: لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: خُسُوفُ الْعَيْنِ ذَهَابُهَا فِي الرَّأْسِ، وَخُسُوفُ الْقَمَرِ كُسُوفُهُ. قَالَ ثَعْلَبٌ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ، هَذَا أَجْوَدُ الْكَلَامِ. وَفِي الصَّحَّاحِ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ تَكْسِفُ كُسُوفًا، وَكَذَا الْقَمَرُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وَقُرِئَ: وَخُسِفَ الْقَمَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَزَادَ فِي الْقَامُوسِ: أَوِ الْخُسُوفُ إِذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمَا، وَالْكُسُوفُ كُلُّهُمَا، وَلَاشَكَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الِاسْتِعْمَالِ كُسُوفُ الشَّمْسِ وَخُسُوفُ الْقَمَرِ، فَالْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ: الْكُسُوفُ بَدَلَ الْخُسُوفِ، فَإِنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ كُلَّهَا وَرَدَتْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، أَوْ يَقُولَ: الْكُسُوفُ وَالْخُسُوفُ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ مِيْرَكُ: الْكُسُوفُ لُغَةً التَّغَيُّرُ إِلَى سَوَادٍ، وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْكُسُوفَ وَالْخُسُوفَ هَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ أَوْ لَا؟ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يُقَالُ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا، وَانْكَسَفَا وَخَسَفَا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا، وَانْخَسَفَا كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: الْكُسُوفُ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُهُ، وَالْمَشْهُورُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْكُسُوفَ لِلشَّمْسِ، وَالْخُسُوفَ لِلْقَمَرِ، وَاخْتَارَهُ ثَعْلَبٌ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ: أَنَّهُ أَفْصَحُ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ، وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ عَكْسَ ذَلِكَ، وَغَلَّطَهُ لِثُبُوتِ الْخَاءِ فِي الْقُرْآنِ، وَقِيلَ: يُقَالُ بِهِمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبِهِ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَدْلُولَ الْكُسُوفِ لُغَةً غَيْرُ مَدْلُولِ الْخُسُوفِ ; لِأَنَّ الْكُسُوفَ التَّغَيُّرُ إِلَى سَوَادٍ، وَالْخُسُوفَ النُّقْصَانُ. فَإِذَا قِيلَ فِي الشَّمْسِ: كَسَفَتْ أَوْ خَسَفَتْ ; لِأَنَّهَا تَتَغَيَّرُ، وَيَلْحَقُهَا النَّقْصُ سَاغَ، وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ. وَقِيلَ: بِالْكَافِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَبِالْخَاءِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، وَكَذَا لِلْقَمَرِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: صَلَاةُ الْعِيدِ آكَدُ ; لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ وَاجِبَةٌ عَلَى قُوَيْلَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>