للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بَابُ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٢٢٦١ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فَيْمَنْ عِنْدَهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

ــ

١ - بَابُ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

قَالَ الْجَزَرِيُّ: لَيْسَ فَضْلُ الذَّكَرِ مُنْحَصِرًا فِي التَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، بَلْ كُلُّ مُطِيعٍ لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَمَلٍ، فَهُوَ ذَاكِرٌ، وَأَفْضَلُ الذِّكْرِ الْقُرْآنُ، إِلَّا فِيمَا شُرِعَ لِغَيْرِهِ أَيْ: كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ ذِكْرٍ مَشْرُوعٌ أَيْ: مَأْمُورٌ بِهِ فِي الشَّرْعِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مُسْتَحَبًّا، لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِهِ وَيُسْمِعَ بِهِ نَفْسَهُ اهـ. وَمَقْصُودُهُ الْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا قَرَأَ فِي بَاطِنِهِ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ، أَوْ سَبَّحَ بِلِسَانِ قَلْبِهِ حَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لَا يَكُونُ آتِيًا بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَسُنَّةِ التَّسْبِيحِ؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ الْقَلْبِيَّ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ الْأُخْرَوِيُّ، لِمَا أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «لَفَضْلُ الذِّكْرِ الْخَفِيِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ سَبْعُونَ ضِعْفًا. إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَجَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ لِحِسَابِهِمْ، وَجَاءَتِ الْحَفَظَةُ بِمَا حَفِظُوا وَكَتَبُوا، قَالَ لَهُمْ: انْظُرُوا هَلْ بَقِيَ لَهُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَيَقُولُونَ: مَا تَرَكْنَا شَيْئًا مِمَّا عَلِمْنَاهُ وَحَفِظْنَاهُ إِلَّا وَقَدْ أَحْصَيْنَاهُ وَكَتَبْنَاهُ فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنَّ لَكَ عِنْدِي حَسَنًا لَا تَعْلَمُهُ، وَأَنَا أَجْزِيكَ بِهِ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْخَفِيُّ» " ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْبُدُورِ السَّافِرَةِ فِي أَحْوَالِ الْآخِرَةِ (وَالتَّقَرُّبُ إِلَيْهِ) : أَيِ: التَّقَرُّبُ بِذِكْرِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، أَوِ التَّقَرُّبُ بِالنَّوَافِلِ إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى هَذَا بَابٌ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي شَأْنِهِمَا.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٢٢٦١ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ» : إِنْ أُرِيدَ بِالْقُعُودِ ضِدُّ الْقِيَامِ، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ أَحْسَنُ هَيْئَاتِ الذَّاكِرِ، لِدَلَالَتِهِ عَلَى جَمْعِيَّةِ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عَنِ الِاسْتِمْرَارِ، فَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى مُدَاوَمَةِ الْأَذْكَارِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: التَّعْبِيرُ بِهِ لِلْغَالِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ مَعَ الدُّخُولِ فِي عِدَادِ الذَّاكِرِينَ لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَةُ أَنْفَاسِهِمْ وَلَحْظُ

<<  <  ج: ص:  >  >>