[بَابُ الِاسْتِعَاذَةِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٢٤٥٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
[٨]- بَابُ الِاسْتِعَاذَةِ
أَيْ أَنْوَاعِ الدَّعَوَاتِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْعَوْذِ وَهُوَ الِالْتِجَاءُ وَاللَّوْذُ.
٢٤٥٧ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " تَعَوَّذُوا ") أَمْرُ نَدْبٍ (بِاللَّهِ) : أَيْ: لَا بِغَيْرِهِ (مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتُضَمُّ أَيْ: مَشَقَّتِهِ إِلَى الْغَايَةِ وَشِدَّتِهِ إِلَى النِّهَايَةِ. وَقِيلَ: الْجَهْدُ مَصْدَرُ اجْهَدْ جَهْدَكَ أَيِ: ابْلُغْ غَايَتَكَ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَشَقَّةِ أَيْضًا، وَهِيَ الْمَصَائِبُ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ، وَيَعْجِزُ عَنْ دَفْعِهَا، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى وُقُوعِهَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْمُرَادُ بِجَهْدِ الْبَلَاءِ الْحَالَةُ الَّتِي يُمْتَحَنُ بِهَا الْإِنْسَانُ حَتَّى يَخْتَارَ حِينَئِذٍ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيَتَمَنَّاهُ اهـ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَةِ الْعِيَالِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَشَدَّ أَنْوَاعِهِ، وَلِذَا وَرَدَ: (كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا) . (وَدَرَكِ الشَّقَاءِ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ: مِنَ الْإِدْرَاكِ لِمَا يَلْحَقُ الْإِنْسَانَ مِنْ تَبِعَتِهِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: الدَّرَكُ هُوَ اللُّحُوقُ وَالْوُصُولُ إِلَى الشَّيْءِ، يُقَالُ: أَدْرَكْتُهُ إِدْرَاكًا وَدَرَكًا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ السِّلَاحِ: الدَّرَكُ بِفَتْحِ الرَّاءِ اسْمٌ وَبِالسُّكُونِ الْمَصْدَرُ، وَالشَّقَاءُ بِفَتْحِ الشِّينِ بِمَعْنَى الشَّقَاوَةِ نَقِيضُ السَّعَادَةِ، وَيَجِيءُ بِمَعْنَى التَّعَبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [طه: ١ - ٢] لِتَشْقَى وَقِيلَ: هُوَ وَاحِدُ دَرَكَاتِ جَهَنَّمَ، وَمَعْنَاهُ مِنْ مَوْضِعِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ وَهِيَ جَهَنَّمُ أَوْ مِنْ مَوْضِعٍ يَحْصُلُ لَنَا فِيهِ شَقَاوَةٌ، أَوْ هُوَ مَصْدَرٌ إِمَّا مُضَافٌ إِلَيْهِ الْمَفْعُولُ أَوْ إِلَى الْفَاعِلِ: أَيْ: مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ إِيَّانَا، أَوْ مِنْ دَرَكِنَا الشَّقَاءَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالشَّقَاءِ الْهَلَاكُ، وَيُطْلَقُ عَلَى السَّبَبِ الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ. (وَسُوءِ الْقَضَاءِ) : أَيْ: مَا يَنْشَأُ عَنْهُ سُوءٌ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْبَدَنِ وَالْمَالِ وَالْخَاتِمَةِ، فَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يَسُوءُ الْإِنْسَانَ) وَيُوقِعُهُ فِي الْمَكْرُوهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute