قَالَ الطِّيبِيُّ: عَلَى أَنَّ لَفْظَ السُّوءِ مُنْصَرِفٌ إِلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ. قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: مِنْ شَرِّ مَا قَضَيْتَ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْمَقْضِيُّ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ كُلَّهُ حَسَنٌ لَا سُوءَ فِيهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقَضَاءُ الْحُكْمُ بِالْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَزَلِ، وَالْأَقْدَرُ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الْجُزْئِيَّاتِ الَّتِي لِتِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ. (وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ) : وَهِيَ فَرَحُ الْعَدُوِّ بِبَلِيَّةٍ تَنْزِلُ بِمَنْ يُعَادِيهِ أَيْ: قُولُوا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تُصِيبَنَا مُصِيبَةٌ فِي دِينِنَا أَوْ دُنْيَانَا حَيْثُ يَفْرَحُ أَعْدَاؤُنَا، وَكَذَا عُلِمَ أَنَّ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعَةَ جَامِعَةٌ مَانِعَةٌ لِصَرْفِ الْبَلَاءِ، وَأَنَّ بَيْنَهَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ، كَمَا فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ وَالْفُصَحَاءِ وَقَدْ أَخْطَأَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَلِكَوْنِهِ مَقَامَ الْإِطْنَابِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ تَدَاخُلُ بَعْضِ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ وَإِغْنَاءُ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ اهـ. وَأَنْتَ عَرَفْتَ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةٍ مِنَ الْإِيجَازِ، بَلْ قَارَبَ مَحَلًّا مِنَ الْإِعْجَازِ، فَقَوْلُهُ: مَقَامُ الْإِطْنَابِ لَيْسَ فِي مَحَلِّ الصَّوَابِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ عَلَى مَا فِي الْحِصْنِ: (اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ) إِلَخْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنَ الْأَحَادِيثِ ثَلَاثُ جُمَلٍ مِنَ الْجُمَلِ الْأَرْبَعَةِ، وَالرَّابِعَةُ زَادَهَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا أَنَّهَا مَا هِيَ، وَقَدْ بَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ نَقْلًا عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَزِيدَةَ الَّتِي زَادَهَا سُفْيَانُ مِنْ قِبَلِهِ هِيَ جُمْلَةُ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute