[بَابُ الْعَطَايَا]
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)
٣٠٠٨ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا، فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، إِنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهِ فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ» . قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
(بَابُ الْعَطَايَا)
جَمْعُ عَطِيَّةٍ وَالْمُرَادُ عَطَايَا الْأُمَرَاءِ وَصِلَاتُهُمْ، قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مِنْهَاجِ الْعَابِدِينَ: فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا تَقُولُ فِي قَبُولِ جَوَائِزِ السَّلَاطِينِ فِي هَذَا الزَّمَانِ؟ فَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ قَوْمٌ: كُلُّ مَا لَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ حَرَامٌ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يُؤْخَذَ مَا لَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ حَلَالٌ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ فِي هَذَا الْعَصْرِ عَلَى أَمْوَالِ السَّلَاطِينِ الْحَرَامُ، وَالْحَلَالُ فِي أَيْدِيهِمْ مَعْدُومٌ وَعَزِيزٌ. قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ صِلَاتَ السَّلَاطِينِ تَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقُ أَنَّهَا حَرَامٌ، وَإِنَّمَا التَّبِعَةُ عَلَى الْمُعْطِي، قَالُوا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسَ مَلِكِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَاسْتَقْرَضَ مِنَ الْيَهُودِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (" {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢] ") قَالُوا: وَقَدْ أَدْرَكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَيَّامَ الظَّلَمَةِ، وَأَخَذُوا مِنْهُمْ، فَمِنْهُمْ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَحِلُّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْءٌ لَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِفَقِيرٍ إِذْ هُمْ مَوْسُومُونَ بِالظُّلْمِ وَالْغَالِبُ مِنْ مَالِهِمُ السُّحْتُ وَالْحَرَامُ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَيَلْزَمُ الِاجْتِنَابُ، وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute