[بَابُ الصَّدَاقِ]
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)
٣٢٠٢ - «عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ فَقَامَتْ طَوِيلًا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ فِيهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا قَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا، قَالَ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
(بَابُ الصَّدَاقِ)
الصَّدَاقُ كَكِتَابٍ وَسَحَابٍ الْمَهْرُ وَالْكَسْرُ فِيهِ أَفْصَحُ وَأَكْثَرُ وَالْفَتْحُ أَخَفُّ وَأَشْهَرُ وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ بِهِ صِدْقُ مَيْلٍ إِلَى الْمَرْأَةِ.
٣٢٠٢ - (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) أَيْ: السَّاعِدِيِّ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ اسْمُهُ حَزْنًا فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْلًا، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ» ) فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتِرَازًا عَنْ خَجَالَتِهَا ( «فَقَامَتْ طَوِيلًا» ) أَيْ: زَمَانًا كَثِيرًا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِتَزْوِيجِهَا وَفِي الْحَدِيثِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: ٥٠] قَالَ صَاحِبُ الْمَدَارِكِ: أَيْ وَأَحْلَلْنَا لَكَ مَنْ وَقَعَ لَكَ أَنْ تَهَبَ لَكَ نَفْسَهَا وَلَا تَطْلُبَ مَهْرًا مِنَ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ إِنِ اتَّفَقَ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ نَكَّرَهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ بَيَانُ حُكْمٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنْهُنَّ بِالْهِبَةِ، وَقِيلَ الْوَاهِبَةُ نَفْسَهَا مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَوْ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ، أَوْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ جَابِرٍ أَوْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠] بَلْ يَجِبُ الْمَهْرُ لِغَيْرِكَ وَإِنْ لَمْ يُسَّمِهِ أَوْ نَفَاهُ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجِبُ مَهْرُهَا عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَفِي انْعِقَادِ نِكَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ، الثَّانِي: لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوِ النِّكَاحِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ مَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute