للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ الْعِدَّةِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٣٣٢٤ - عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، «عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيْلُهُ الشَّعِيرَ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ، مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ. فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: " لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ ". فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: " تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي. قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي. فَقَالَ: " أَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: " انْكِحِي أُسَامَةَ " فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ» . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا: " «فَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا» .

ــ

بَابُ الْعِدَّةِ

هِيَ فِي اللُّغَةِ الْإِحْصَاءُ، يُقَالُ: عَدَدْتُ الشَّيْءَ عِدَّةً أَحْصَيْتُهُ إِحْصَاءً، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَعْدُودِ، وَفِي الشَّرْعِ تَرَبُّصٌ يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ عِنْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ الْمُتَأَكِّدِ بِالدُّخُولِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الْخَلْوَةِ وَالْمَوْتِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَشَبَّهْتُهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى النِّكَاحِ، قُلْتُ: فَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالنِّكَاحِ حَقِيقَتَهُ وَحُكْمَهُ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] .

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٣٣٢٤ - (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الْمَشْهُورِينَ بِالْفِقْهِ فِي الْمَدِينَةِ فِي قَوْلٍ، وَمِنْ مَشَاهِيرِ التَّابِعِينَ وَأَعْلَامَهُمْ (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ) : أَيِ الْقُرَشِيَّةِ، أُخْتُ الضَّحَّاكِ كَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَعَقْلٍ وَكَمَالٍ. (أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ) : بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَتَشْدِيدِ فَوْقِيَّةٍ. قَالَ الْقَاضِي: أَيِ: الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثَ أَوِ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ فَإِنَّهَا بَتَّةٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا قَاطِعَةٌ لِعَلَقَةِ النِّكَاحِ، اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (وَهُوَ) : أَيْ: أَبُو عَمْرٍو (غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ الشَّعِيرَ) : أَيْ: لِلنَّفَقَةِ وَفِي رِوَايَةٍ بِشَعِيرٍ (فَسَخِطَتْهُ) : بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ فَتَسَخَّطَتْهُ مِنْ بَابِ التَّفَعُّلِ أَيِ: اسْتَقَلَّتْهُ، يُقَالُ: سَخِطَهُ أَيِ: اسْتَقَلَّهُ. وَلَمْ يَرْضَ بِهِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَفِي الْمَفَاتِيحِ: أَيْ: مَا رَضِيَتْ بِهِ لِكَوْنِهِ شَعِيرًا، أَوْ لِكَوْنِهِ قَلِيلًا انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى الْوَكِيلِ أَيْ: وَغَضِبَتْ عَلَى الْوَكِيلِ بِإِرْسَالِهِ الشَّعِيرَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا: (فَقَالَ) : أَيِ: الْوَكِيلُ (وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ) : أَيْ: لِأَنَّكِ بَائِنَةً أَوْ مِنْ شَيْءٍ غَيْرَ الشَّعِيرِ (فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: " لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ) : أَيْ: عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَأْمُورٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ نَفْيُ النَّفَقَةِ الَّتِي تُرِيدُهَا مِنْهُ وَهُوَ الْأَجْوَدُ (فَأَمَرَهَا) وَفِي رِوَايَةٍ: وَأَمَرَهَا (أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ) : قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ هَلْ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ؟ فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَآخَرُونَ: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>