[بَابُ مَا عَلَى الْوُلَاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٣٧٢٢ - عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
بَابُ مَا عَلَى الْوُلَاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ
الْوُلَاةُ بِضَمِّ الْوَاوِ ; جَمْعُ الْوَالِي ; وَهُوَ يَشْمَلُ الْخَلِيفَةَ وَغَيْرَهُ، وَمِنْ بَيَانٌ لِ (مَا) وَ (عَلَى) لِلْوُجُوبِ ; أَيْ بَابِ مَا يَجِبُ عَلَى الْحُكَّامِ مِنْ تَيْسِيرِ الْأُمُورِ وَتَسْهِيلِهَا عَلَى رَعَايَاهُمْ فِي قَضَايَاهُمْ.
٣٧٢٢ - (عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا بَعَثَ أَحَدًا) ; أَيْ أَرَادَ إِرْسَالَ أَحَدٍ (مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ) ; أَيْ مِنْ أَمْرِ الْحُكُومَةِ، (قَالَ بَشِّرُوا) ; أَيِ النَّاسَ بِالْأَجْرِ وَالْمَثُوبَاتِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَفِعْلِ الْخَيْرَاتِ، وَالْخِطَابُ لَهُ وَلِأَتْبَاعِهِ، أَوْ جَمْعٌ لِإِفَادَةِ التَّعْمِيمِ دُونَ تَخْصِيصِهِ، (وَلَا تُنَفِّرُوا) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَكْسُورَةِ ; أَيْ لَا تُخَوِّفُهُمْ بِالْمُبَالَغَةِ فِي إِنْذَارِهِمْ حَتَّى تَجْعَلُوهُمْ قَانِطِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِذُنُوبِهِمْ وَأَوْزَارِهِمْ، أَوْ بَشِّرُوهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ بِحُصُولِ الْغَنَائِمِ وَغَيْرِهَا فِي الْبِلَادِ، وَلَا تُنَفِّرُوهُمْ بِالظُّلْمِ وَالْغِلَاظَةِ عَنِ الِانْقِيَادِ. وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْجِهَتَيْنِ الْمُقَابِلَتَيْنِ، ظَهَرَتِ الْمُنَاسِبَةُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَعَاطِفَتَيْنِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ ; إِذِ الْحَقِيقَةُ أَنْ يُقَالَ: بَشِّرُوا وَلَا تُنْذِرُوا، وَاسْتَأْنِسُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيَعُمَّ الْبِشَارَةُ وَالنِّذَارَةُ وَالْاسْتِئْنَاسُ وَالتَّنْفِيرُ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْإِنْذَارَ مَطْلُوبٌ ; أَيْضًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ} [الأنعام: ٥١] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} [التوبة: ١٢٢] ، وَلِأَنَّ أَمْرَ السِّيَاسَةِ وَالْحُكُومَةِ لَا يَتِمُّ بِدُونِ الْإِنْذَارِ مَعَ مُجَرَّدِ الْبِشَارَةِ (وَيَسِّرُوا) ; أَيْ سَهِّلُوا عَلَيْهِمُ الْأُمُورَ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ بِاللُّطْفِ بِهِمْ، (وَلَا تُعَسِّرُوا) ; أَيْ بِالصُّعُوبَةِ عَلَيْهِمْ ; بِأَنْ تَأْخُذُوا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَحْسَنَ مِنْهُ، أَوْ بِتَتَبُّعِ عَوْرَاتِهِمْ وَتَجَسُّسِ حَالَاتِهِمْ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute