للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٣٦٦١ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ

فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

بَابُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ الْإِمَارَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الْإِمْرَةُ وَقَدْ أَمَّرَهُ إِذَا جَعَلَهُ أَمِيرًا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَأَمَّا الْأَمَارَةُ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهَا الْعَلَامَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ هُنَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٣٦٦١ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) هَذَا مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] (وَمَنْ عَصَانِي قَدْ عَصَى اللَّهَ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: ٢٣] (وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: أَمِيرِي (فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي) فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ الْخِلَافَةِ وَالنِّيَابَةِ قِيلَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْعَرَبِ لَا يَعْرِفُونَ الْإِمَارَةَ وَلَا يَدِينُونَ لِغَيْرِ رُؤَسَاءِ قَبَائِلِهِمْ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَوَلِيَ عَلَيْهِمُ الْأُمَرَاءُ أَنْكَرَتْهُ نُفُوسُهُمْ وَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنَ الطَّاعَةِ، فَقَالَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ طَاعَتَهُمْ مَرْبُوطَةٌ بِطَاعَتِهِ وَعِصْيَانَهُمْ مَنُوطَةٌ بِعِصْيَانِهِ لِيُطِيعُوا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأُمَرَاءِ (فَإِنَّمَا الْإِمَامُ) أَيِ الْخَلِيفَةُ أَوْ أَمِيرُهُ (جُنَّةٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ أَيْ كَالتُّرْسِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ (يُقَاتَلُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (مِنْ وَرَائِهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَيُتَّقَى بِهِ) بَيَانٌ لِكَوْنِهِ جُنَّةً أَيْ يَكُونُ الْأَمِيرُ فِي الْحَرْبِ قُدَّامَ الْقَوْمِ لِيَسْتَظْهِرُوا بِهِ وَيُقَاتِلُوا بِقُوَّتِهِ كَالتُّرْسِ لِلْمُتَتَرِّسِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ ; لِأَنَّ الْإِمَامَ يَكُونُ مَلْجَأً لِلْمُسْلِمِينَ فِي حَوَائِجِهِمْ دَائِمًا، قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ (يُتَّقَى بِهِ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ (يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ) ، وَالْبَيَانُ مَعَ الْمُبَيَّنِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: «وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ» . قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ هُوَ كَالسَّاتِرِ ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ، وَيَمْنَعُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَحْمِي بَيْضَةَ الْإِسْلَامِ، وَيَتَّقِيهِ النَّاسُ وَيَخَافُونَ سَطْوَتَهُ، وَمَعْنَى (يُقَاتَلُ) وَ (مِنْ وَرَائِهِ) أَنْ يُقَاتِلَ مَعَهُ الْكُفَّارَ وَالْبُغَاةَ وَالْخَوَارِجَ وَسَائِرَ أَهْلِ الْفَسَادِ وَيُنْصَرَ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ أَمَرَ) أَيِ الْإِمَامُ (بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ) أَيْ قَضَى بِحُكْمِ اللَّهِ (فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا) أَيْ عَظِيمًا (وَإِنْ قَالَ) أَيْ فِي الْأَمْرِ وَالْحُكْمِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّقْوَى وَالْعَدْلِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ (قَالَ) أَيْ حَكَمَ، يُقَالُ: قَالَ الرَّجُلُ إِذَا حَكَمَ وَمِنْهُ الْقِيلُ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>