[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٢٥٦١ - عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى يُصْبِحَ، وَيَغْتَسِلَ وَيُصَلِّيَ، فَيَدْخُلَ مَكَّةَ نَهَارًا، وَإِذَا نَفَرَ مِنْهَا مَرَّ بِذِي طُوًى، وَبَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَيَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» . (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
(٣) بَابٌ: دُخُولُ مَكَّةَ أَيْ: آدَابُ دُخُولِهَا (وَالطَّوَافُ) عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ.
٢٥٦١ - (عَنْ نَافِعٍ) أَيْ: مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (قَالَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: لَا يَجِيئُهَا (إِلَّا بَاتَ) أَيْ: نَزَلَ فِي اللَّيْلِ (بِذِي طُوًى) بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَضَمِّهَا، وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، وَأَشْهَرُ، ثُمَّ الضَّمُّ أَكْثَرُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ، وَيُصْرَفُ، وَلَا يُصْرَفُ، مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ دَاخِلَ الْحَرَمِ، وَقِيلَ: اسْمُ بِئْرٍ عِنْدَ مَكَّةَ فِي طَرِيقِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (حَتَّى يُصْبِحَ، وَيَغْتَسِلَ، وَيُصَلِّيَ، فَيَدْخُلَ مَكَّةَ نَهَارًا) ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَدْخُلَهَا نَهَارًا لِيَرَى الْبَيْتَ مِنَ الْبُعْدِ اهـ.
وَقِيلَ: لِيَسْلَمَ عَنِ الْحَرَامِيَّةِ بِمَكَّةَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَلِلِاغْتِسَالِ، وَالنَّظَافَةِ (وَإِذَا نَفَرَ) أَيْ: خَرَجَ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ مَكَّةَ (مَرَّ بِذِي طُوًى وَبَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ) ، انْتِظَارًا لِأَصْحَابِهِ، وَاهْتِمَامًا لِجَمْعِ أَسْبَابِهِ (وَيَذْكُرُ) عَطْفٌ عَلَى " لَا يَقْدَمُ " أَيْ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَذْكُرُ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ فِي وَقْتَيِ الْوُلُوجِ وَالْخُرُوجِ، وَمَا أَحْسَنَ مَنْ قَالَ مِنْ أَرْبَابِ الْحَالِ:
وَسَنَا بَرْقٍ نَفَى عَنِّي الْكَرَى لَمْ يَزَلْ يَلْمَعُ بِي مِنْ ذِي طَوَى مَنْزِلٌ سَلْمَى بِهِ نَازِلَةٌ طَيِّبُ السَّاحَةِ مَعْمُورُ الْفَنَا فِي " النِّهَايَةِ ": لَا يَضُرُّهُ لَيْلًا دَخَلَهَا أَوْ نَهَارًا، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمَّا رَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، دَخَلَهَا فِي حَجِّهِ نَهَارًا، وَلَيْلًا فِي عُمْرَتِهِ، وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنِ الدُّخُولِ لَيْلًا، فَلَيْسَ تَقْرِيرًا لِلسُّنَّةِ، بَلْ شَفَقَةً عَلَى الْحَاجِّ مِنَ السُّرَّاقِ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانُوا يَدْخُلُونَ الْحَرَمَ مُشَاةً حُفَاةً، وَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ، وَيَقْضُونَ الْمَنَاسِكَ حُفَاةً مُشَاةً، وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ حَجَّ الْبَيْتَ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَضَعُونَ نِعَالَهُمْ بِالتَّنْعِيمِ، وَيَدْخُلُونَهَا حُفَاةً تَعْظِيمًا لِلْبَيْتِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute