٢٥٦٢ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٥٦٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْ: عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مَعَهُ حِينَئِذٍ (لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ) أَيْ: وَصَلَ إِلَى قُرْبِهَا (دَخَلَهَا مِنْ أَعْلَاهَا) وَكَذَا دَخَلَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ مِنْهَا (وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ: لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ بِأَعْلَاهَا ثَنِيَّةُ كَدَاءٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ، وَعَدَمُهُ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ عَلِمَ الْمَكَانَ، أَوِ الْبُقْعَةَ، وَهِيَ الَّتِي يَنْحَدِرُ مِنْهَا إِلَى الْمَقْبَرَةِ الْمُسَمَّاةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْمَعْلَاةِ، وَتُسَمَّى بِالْحَجُونِ عَنِ الْخَاصَّةِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الثَّنِيَّةِ الَّتِي قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ، وَالثَّنِيَّةُ: الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَبِأَسْفَلِهَا ثَنِيَّةُ كُدًى بِضَمِّ الْكَافِ وَالْكَسْرِ، وَالتَّنْوِينِ، وَتَرْكِهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ الشَّبِيكَةِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ دُخُولُ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَالْخُرُوجُ مِنَ السُّفْلَى، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الثَّنِيَّةُ عَلَى طَرِيقِ مَكَّةَ كَالْمَدَنِيِّ، أَوْ لَا كَالْيَمَنِيِّ، قِيلَ: إِنَّمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ فِي الطَّرِيقِ دَاخِلًا، أَوْ خَارِجًا لِلْفَأْلِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إِلَى أَكْمَلَ مِنْهُ، كَمَا فَعَلَ فِي الْعِيدِ، وَلِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ، وَلِيَتَبَرَّكَ بِهِ أَهْلُهُمَا اهـ.
أَوْ لِمُنَاسَبَةِ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا لِلدَّاخِلِ الْمُقْبِلِ عَلَى وَجْهِ الْبَيْنِ، وَلِمُنَاسَبَةِ السُّفْلَى لِمُوَدِّعِهِ بِالذَّهَابِ إِلَى قَفَاهُ، أَوْ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ إِلَى مَكَّةَ يُنَاسِبُهُ الظُّهُورُ، وَالْإِعْلَانُ، بِخِلَافِ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ يُلَائِمُهُ الْخَفَاءُ، وَالْكِتْمَانُ، فَإِنَّ الدُّخُولَ فِيهِ حَسَنَةٌ، وَالْخُرُوجَ مِنْهَا فِي صُورَةٍ سَيِّئَةٌ، وَلِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ عَلَى الْعُلْيَا حِينَ قَالَ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: ٣٧] كَمَا رَوَاهُ السُّهَيْلِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ نَادَى عَلَى حَجَرِهِ الْمُسَمَّى بِالْمَقَامِ، وَعَلَى الْعُلْيَا أَيْضًا: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ بَنَى لَكُمْ بَيْتًا فَحُجُّوهُ، فَأَجَابَتْهُ النُّطَفُ فِي الْأَصْلَابِ وَالْأَرْحَامِ: لَبَّيْكَ.
وَكُلُّ مَنْ كُتِبَ لَهُ تَكْرِيرُ النُّسُكِ تَكَرَّرَتْ إِجَابَتُهُ بِقَدْرِ مَا كُتِبَ لَهُ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَجَابَتْهُ الْأَرْوَاحُ، وَالْأَشْبَاحُ الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَقُضِيَ أَنْ تَشْرُفَ بِزِيَارَةِ بَيْتِ اللَّهِ، وَتَسْمَعَ نِدَاءَ مَنْ نَادَاهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute