[بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
[٨] بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٦٠٨٧ - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ: ( «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
[٨] بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا: لَمْ يَرِدْ فِي حَقِّ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْأَسَانِيدِ الْجِيَادِ أَكْثَرَ مِمَّا جَاءَ فِي عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ، وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي زَمَانِهِ وَكَثُرَ مُحَارِبُوهُ وَالْخَارِجُونَ عَلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِانْتِشَارِ مَنَاقِبِهِ لِكَثْرَةِ مَنْ كَانَ يَرْوِيهَا مِنَ الصَّحَابَةِ رَدًّا عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، وَإِلَّا فَالثَّلَاثَةُ قَبْلَهُ لَهُمْ مِنَ الْمَنَاقِبِ مَا يُوَازِيهِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ، كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ شِعْرِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ
وَحَيْدَرَةُ اسْمُ الْأَسَدِ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ أُمُّهُ لَمَّا وَلَدَتْهُ سَمَّتْهُ بِاسْمِ أَبِيهَا، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو طَالِبٍ كَرِهَ الِاسْمَ فَسَمَّاهُ عَلِيًّا، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ قَالَ: فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتُمَ عَلِيًّا فَأَبَى فَقَالَ: أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فَقُلْ: لَعَنَ اللَّهُ أَبَا تُرَابٍ، فَقَالَ سَهْلٌ: مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي تُرَابٍ إِنَّهُ كَانَ يَفْرَحُ بِهِ إِذَا دُعِيَ بِهِ فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِهِ لِمَ سُمِّيَ أَبَا تُرَابٍ؟ قَالَ: «جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِنْسَانٍ: " انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: " قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ» " أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي الرِّيَاضِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ التَّيْمِيِّ قَالَ: كُنَّا نَبِيعُ الثِّيَابَ عَلَى عَوَاتِقِنَا وَنَحْنُ غِلْمَانٌ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَأَيْنَا عَلِيًّا قَدْ أَقْبَلَ قُلْنَا: بزرك اشكم قَالَ عَلِيٌّ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ عَظِيمُ الْبَطْنِ. قَالَ: أَجَلْ أَعْلَاهُ عِلْمٌ وَأَسْفَلُهُ طَعَامٌ.
وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَتَوَضَّأُ، فَحَسَرَ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ، فَرَأَيْتُ رَأْسَهُ مِثْلَ رَاحَتِي عَلَيْهِ مِثْلُ خَطِّ الْأَصَابِعِ مِنَ الشَّعْرِ. أَخْرَجَهُ ابْنُ الضَّحَّاكِ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَطْلُبُ الْعِلْمَ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ بُرْدَانِ، وَلَهُ ضَفِيرَتَانِ، قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَاتِقِ عُمَرَ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَلِيٌّ. أَخْرَجَهُ ابْنُ الضَّحَّاكِ أَيْضًا، وَلَا تَضَادَّ بَيْنَهُمَا إِذْ يَكُونُ الشَّعْرُ انْحَسَرَ عَنْ وَسَطِ رَأْسِهِ، وَكَانَ فِي جَوَانِبِهِ شَعْرٌ مُسْتَرْسِلٌ جُمِعَ فَضُفِّرَ بِاثْنَتَيْنِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٦٠٨٧ - (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) ، أَحَدِ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ: " «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» ") ، يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ، وَقُرْبِ الْمَرْتَبَةِ، وَالْمُظَاهَرَةِ بِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ مِنْ عُلَمَائِنَا. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخْرِجَهُ إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ، «وَقَدْ خَلَّفَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَهْلِهِ وَأَمَرَهُ بِالْإِقَامَةِ فِيهِمْ فَأَرْجَفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: مَا خَلَّفَهُ إِلَّا اسْتِثْقَالًا لَهُ وَتَخَفُّفًا مِنْهُ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ عَلِيٌّ أَخَذَ سِلَاحَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجُرْفِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ الْمُنَافِقُونَ كَذَا فَقَالَ: " كَذَبُوا إِنَّمَا خَلَّفْتُكَ لِمَا تَرَكْتُ وَرَائِي فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ، أَمَا تَرْضَى يَا عَلِيُّ أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» " تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف: ١٤٢] . وَالْمُسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَةَ كَانَتْ لَهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute