٣٣٤٥ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدَيْهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا يُكَلِّفْهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٣٣٤٥ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِخْوَانُكُمْ ": أَيْ خَوَلُكُمْ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: هُمْ إِخْوَانُكُمْ. وَالْمَعْنَى هُمْ مَمَالِيكُكُمْ. (جَعَلَهُمُ اللَّهُ) : أَيْ فِتْنَةً كَمَا فِي رِوَايَةٍ (تَحْتَ أَيْدِيكُمْ) ، أَيْ تَصَرُّفِكُمْ وَأَمْرِكُمْ وَحُكْمِكُمْ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَجَعَلَ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ إِخْوَانُكُمْ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ مَمَالِيكُكُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَاعْتِبَارُ الْأُخُوَّةِ مِنْ جِهَةِ آدَمَ أَيْ أَنَّكُمْ مُتَفَرِّعُونَ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ. قَالَ تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] فَيَكُونُ قَوْلُهُ جَعَلَهُمُ اللَّهُ حَالًا لِمَا فِي الْكَلَامِ مِنْ مَعْنَى التَّشْبِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَجَعَلَهُمُ اللَّهُ خَبَرُهُ، فَعَلَى هَذَا إِخْوَانُكُمْ مُسْتَعَارٌ لِطَيِّ ذِكْرِ الْمُشَبَّهِ، وَفِي تَخْصِيصِ الذِّكْرِ بِالْأُخُوَّةِ إِشْعَارٌ بِعِلَّةِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْإِنْفَاقِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ التَّعَطُّفِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَنَاسَبَ لِهَذَا أَنْ يُقَالَ: فَلْيُعِنْهُ ; لِأَنَّ اللَّهَ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدَيْهِ) : وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَيْهِ (فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ) : أَيْ: مِنْ طَعَامِهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ (وَلْيُلْبِسْهُ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مِمَّا يَلْبَسُ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مِنْ لِبَاسِهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَمْرُ بِإِطْعَامِهِمْ مِمَّا يَأْكُلُ السَّيِّدُ، وَكَذَا إِلْبَاسُهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ نَفَقَةُ السَّيِّدِ وَلِبَاسُهُ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ، حَتَّى لَوْ قَتَّرَ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ تَقْتِيرًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ إِمَّا زُهْدًا وَإِمَّا شُحًّا لَا يَحِلُّ لَهُ التَّقْتِيرُ عَلَى الْمَمْلُوكِ، وَإِلْزَامُهُ بِمُوَافَقَتِهِ إِلَّا بِرِضَاهُ.
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الْمُرَادُ مِنْ جِنْسِ مَا يَأْكُلُونَ وَيَلْبَسُونَ لَا مِثْلُهُ، فَإِذَا أَلْبَسَ مِنَ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَهُوَ يَلْبَسُ مِنْهُمَا. الْفَائِقُ: كَفَى بِخِلَافِ إِلْبَاسِهِ نَحْوَ الْخَرَائِقِ وَلَمْ يُتَوَارَثْ عَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْبَسُونَ مِثْلَهُمْ إِلَّا الْأَفْرَادَ. قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا الشَّعْبِيُّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ عَلَى مَا إِذَا كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى الِاكْتِسَابِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى حِينَئِذٍ. (وَلَا يُكَلِّفُهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَزَادَ فِيهِ: " «وَمَنْ لَا يُلَائِمُكُمْ مِنْهُمْ فَبِيعُوهُمْ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute