للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٤١ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ، أَوْ بِيعَتْ، أَوْ أُعْتِقَتْ فَلْتَسْتَبْرِئْ رَحِمَهَا بِحَيْضَةٍ وَلَا تُسْتَبْرَئُ الْعَذْرَاءُ. رَوَاهُمَا رَزِينٌ.

ــ

٣٣٤١ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وُهِبَتْ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُعْطِيَتْ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ لِأَحَدٍ (الْوَلِيدَةُ) : أَيِ: الْجَارِيَةُ (الَّتِي تُوطَأُ) : أَيْ بِالْفِعْلِ (أَوْ بِيعَتْ، أَوْ أُعْتِقَتْ) : قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: إِذَا مَاتَ مَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقَهَا، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: يَعْنِي إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَلَا تَحْتَ زَوْجٍ، وَلَا فِي عِدَّةٍ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ، فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فِي الْأَوَّلِ، وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْمَوْلَى لِعَدَمِ ظُهُورِ الْفِرَاشِ مِنَ الْمَوْلَى، وَهَذَا عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُهُمْ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَقَوْلُنَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، وَعِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ، وَتَتَزَوَّجُ إِنْ شَاءَتْ إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمُ الْقِيَاسَ إِلَّا الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا بِدَلَالَةِ النَّصِّ، وَعِنْدَ غَيْرِنَا بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قِيَاسِيَّةٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَعِتْقِهِ كُلٌّ مِنْ أَمْرَيْنِ: زَوَالُ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَزَوَالُ الْفِرَاشِ، فَقَاسُوا عَلَى الْأَوَّلِ وَقَالُوا: هَذَا تَرَبُّصٌ يَجِبُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيُقَدَّرُ بِحَيْضَةٍ كَالِاسْتِبْرَاءِ، وَقُلْنَا تَرَبُّصٌ يَجِبُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ، فَيُقَدَّرُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَالتَّرَبُّصِ فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا أَرْجَحُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِي إِثْبَاتِهَا، فَالْقِيَاسُ الْمُوجِبُ لِلْأَكْثَرِ وَاجِبُ الِاعْتِبَارِ. قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: فَإِمَامُنَا فِيهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدِيثَ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَمَرَ أُمَّ الْوَلَدِ إِذَا أُعْتِقَتْ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَتَبَ بِحُسْنِ رَأْيِهِ فَأَمَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْوَفَاةِ كَذَلِكَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنَ الْقَوْلِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ فِي الْعِتْقِ مِنْ شَخْصٍ قَوْلُهُ بِهِ فِي الْوَفَاةِ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا سُنَّةً نَعُدُّهَا: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَبِيصَةُ لَمْ يَسْمَعْ عَنْ عَمْرٍو فَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَهُوَ عِنْدَنَا غَيْرُ ضَائِرٍ إِذَا كَانَ قَبِيصَةُ ثِقَةً، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: ثَلَاثُ حِيَضٍ إِذَا مَاتَ عَنْهَا - يَعْنِي أُمَّ الْوَلَدِ - وَأَخْرَجَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَطَاءٍ، فَعَلَى هَذَا تُعَارِضُ النَّقْلَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَارِثُ ضَعِيفٌ، إِلَّا أَنَّ غَالِبَ نَقْلِ الْمَذَاهِبِ قَلَّ مَا يَخْلُو عَنْ مِثْلِهِ، وَالْمُتَحَقِّقُ أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ بَيْنَ السَّلَفِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى اخْتِلَافِ الرَّأْيِ، وَقَدْ بَيَّنَّا تَرْجِيحَ مَا يُوَافِقُ رَأَيْنَا. (فَلْتَسْتَبْرِئْ) : أَيْ: هِيَ (رَحِمَهَا بِحَيْضَةٍ) : أَيْ: أَوْ بِشَهْرٍ (وَلَا تُسْتَبْرَئُ) : بِالضَّمِّ عَلَى أَنَّهُ نَفْيٌ، وَبِالْجَزْمِ وَالْكَسْرِ لِلِالْتِقَاءِ عَلَى أَنَّهُ نَهْيٌ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ أَيْ لَا تَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِبْرَاءِ. (الْعَذْرَاءُ) . أَيِ الْبِكْرُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: سَبَبُ الِاسْتِبْرَاءِ حُصُولُ الْمِلْكِ، فَمَنْ مَلَكَ جَارِيَةً بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَزِمَهُ اسْتِبْرَاؤُهَا، سَوَاءٌ كَانَ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ اشْتِغَالُ الرَّحِمِ بِمَائِهِ، أَوْ مِمَّنْ لَا يُتَصَوَّرُ كَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَنَحْوِهِمَا، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْأَمَةُ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ غَيْرَهُمَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، وَسَوَاءٌ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَمْ لَا. وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الْبِكْرِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ. وَعَنِ الْمُزَنِيِّ: أَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ وَالْمَوْطُوءَةِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَأَنَا أَمِيلُ إِلَى هَذَا، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ فِيهِنَّ الصِّغَارَ وَالْأَبْكَارَ وَالْآيِسَاتِ. (رَوَاهُمَا) : أَيِ: الْحَدِيثَيْنِ (رَزِينٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>