للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بَابُ التَّيَمُّمِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٥٢٦ - عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(١٠)

بَابُ التَّيَمُّمِ

وَهُوَ لُغَةٌ: الْقَصْدُ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] وَشَرْعًا: قَصْدُ التُّرَابِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَلِاعْتِبَارِ الْقَصْدِ فِي مَفْهُومِهِ اللُّغَوِيِّ وَجَبَتِ النِّيَّةُ فِيهِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ أَصْلَيْهِ مِنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَأَيْضًا الْغُسْلُ بِالْمَاءِ طَهَارَةٌ حِسِّيَّةٌ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ إِلَّا لِخُصُوصِ الْأَجْرِ وَالْمَثُوبَةِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ طَهَارَةٌ حُكْمِيَّةٌ، وَفِي الظَّاهِرِ إِنَّمَا هُوَ غَبْرَةٌ صُورِيَّةٌ، فَاحْتَاجَ إِلَى النِّيَّةِ ; لِيَصِيرَ بِهَا كَالطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، ثُمَّ التَّيَمُّمُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ فَرْضِيَّتِهِ وَمَكَانِهَا وَسَبَبِهَا، وَأَجْمَعُوا عَلَى انْهُ مُخْتَصٌّ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَإِنَّ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِجْمَاعًا.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٥٢٦ - (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فُضِّلْنَا ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُشَدَّدًا (عَلَى النَّاسِ) أَيْ: فَضَّلَنَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ (بِثَلَاثٍ) أَيْ: بِثَلَاثِ خِصَالٍ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا ; لِأَنَّ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ كَانُوا يَقِفُونَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَمَا اتُّفِقَ، وَلَمْ تَجُزْ لَهُمُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُمُ التَّيَمُّمُ، وَلَيْسَ فِيهِ انْحِصَارُ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الثَّلَاثِ ; لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ خَصَائِصُ أُمَّتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَيُخْبِرُ عَنْ كُلِّ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ إِنْزَالِهِ مِمَّا يُنَاسِبُهُ (جُعِلَتْ صُفُوفُنَا) أَيْ: وُقُوفُنَا فِي الصَّلَاةِ (كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ) قِيلَ: فِي الْمَعْرَكَةِ، وَقِيلَ: فِي الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: فِي الطَّاعَةِ. قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ - وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: ١٦٥ - ١٦٦] (وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا) تَأْكِيدٌ لِيَشْمَلَ مَا فِي حُكْمِهَا مِنَ الْجِبَالِ (مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا) أَيْ: تُرَابُ الْأَرْضِ لَنَا طَهُورًا) أَيْ: مُطَهِّرًا (إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ) وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ: أَنَّ غَيْرَ التُّرَابِ لَا يَكُونُ طَهُورًا، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِغَيْرِنَا. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>