[بَابُ اللِّعَانِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٣٣٠٤ - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «إِنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَقَدْ أُنْزِلُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا) . قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، أَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا. فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
[١٤]- بَابُ اللِّعَانِ
فِي الْمُغْرِبِ: لَعَنَهُ لَعْنًا وَلَاعَنَهُ مُلَاعَنَةً وَلِعَانًا وَتَلَاعَنُوا لَعَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَصْلُهُ الطَّرْدُ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِنَّمَا سُمِّيَ لِعَانًا ; لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ صَاحِبِهِ وَيَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَاللِّعَانُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا يَمِينٌ، وَقِيلَ شَهَادَةٌ، وَقِيلَ يَمِينٌ فِيهَا شَوْبُ شَهَادَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ أَوِ الْقَاضِي وَجَمْعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ التَّغْلِيظِ، فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْجَمْعِ. قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ: هُوَ مَصْدَرُ لَاعَنَ سَمَاعِيٌّ لَا قِيَاسِيٌّ وَالْقِيَاسُ الْمُلَاعَنَةُ، وَكَثِيرٌ مِنَ النُّحَاةِ يَجْعَلُونَ الْفِعَالَ وَالْمُفَاعَلَةَ مُصَدَرًا قِيَاسِيَّيْنِ لِفَاعَلَ، اللَّعْنُ فِي اللُّغَةِ: الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ، وَفِي الْفِقْهِ: اسْمٌ لِمَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الشَّهَادَاتِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَعْلُومَاتِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُجُودِ لَفْظِ اللَّعْنِ فِي الْخَامِسَةِ تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ، وَلَمْ يُسَمَّ بَاسِمٍ مِنَ الْغَضَبِ، وَهُوَ أَيْضًا مَوْجُودٌ فِيهَا ; لِأَنَّهُ فِي كَلَامِهَا وَذَاكَ فِي كَلَامِهِ، وَهُوَ أَسْبَقُ، وَالسَّبْقُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ. وَشَرْطُهُ: قِيَامُ النِّكَاحِ، وَسَبَبُهُ: قَذْفُهُ زَوْجَتَهُ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ، وَحُكْمُهُ حُرْمَتُهَا بَعْدَ التَّلَاعُنِ، وَأَهْلُهُ: مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ ; فَإِنَّ اللِّعَانَ شَهَادَاتٌ مُؤَكِّدَاتٌ بِالْأَيْمَانِ عِنْدَنَا، وَأَمَّا عِنْدُ الشَّافِعِيِّ فَأَيْمَانٌ مُؤَكِّدَاتٌ بِالشَّهَادَاتِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي شَرْحِهِ لِلْهِدَايَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute