للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ) : أَيْ: مُعَاوِيَةُ (كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ) : بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ: جَانِبَهُ، وَأُحُدٌ بِضَمَّتَيْنِ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ فِي الْمَدِينَةِ (وَالْجَوَّانِيَّةِ) : بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَوْضِعٌ قَرِيبَ أُحُدٍ (فَاطَّلَعْتُ) : بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ: أَشْرَفْتُ عَلَى الْغَنَمِ (ذَاتَ يَوْمٍ) : أَيْ: يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ أَوْ نَهَارًا، " ذَاتَ ": زَائِدَةٌ (فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا) : إِذَا لِلْمُفَاجَأَةِ، وَاللَّامُ فِي الذِّئْبِ لِلْعَهْدِيَّةِ الذِّهْنِيَّةِ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: ٤٠] ، (وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ) : بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَفَتْحِ سِينٍ، أَيْ: أَغْضَبُ (كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنْ) : أَيْ: وَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى الْغَضَبِ لَكِنْ (صَكَكْتُهَا صَكَّةً) : أَيْ: لَطَمْتُهَا لَطْمَةً (فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَعَظَّمَ) : بِالتَّشْدِيدِ وَالْفَتْحِ (ذَلِكَ عَلَيَّ) : أَيْ: كَثَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْأَمْرَ أَوِ الضَّرْبَ عَلَيَّ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّخْفِيفِ وَالضَّمِّ (قُلْتُ) : وَفِي نُسْخَةٍ: فَقُلْتُ، (يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا أُعْتِقُهَا) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى -: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ؟ قُلْتُ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى مُتَضَمِّنَةٌ لِسُؤَالَيْنِ صَرِيحًا ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ كَانَ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَفَارَّةً، وَقَدْ لَزِمَنِي مِنْ هَذِهِ اللَّطْمَةِ إِعْتَاقُهَا، أَفَيَكْفِينِي إِعْتَاقُهَا لِلْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا؟ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ مُطْلَقَةٌ تَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، وَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ لَيْسَ عَنْ مُجَرَّدِ اللَّطْمَةِ سُؤَالُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَارِيَةَ عَنْ إِيمَانِهَا اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنِ اللَّطْمَةِ مُسْتَحَبٌّ، فَيَنْدَرِجُ فِي ضِمْنِ الْإِعْتَاقِ الْوَاجِبِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ تَدَاخُلِ الْكَفَّارَةِ كَمَا تُوُهِّمَ قَالَ: (ائْتِنِي بِهَا) : الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيِ: احْضُرْ بِهَا لِي (فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فَقَالَ لَهَا: (أَيْنَ اللَّهُ؟) : أَيْ: أَيْنَ الْمَعْبُودُ الْمُسْتَحَقُّ الْمَوْصُوفُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ؟ (قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ) : أَيْ: كَمَا فِي الْأَرْضِ وَالِاقْتِصَارُ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ. قَالَ - تَعَالَى - جَلَّ جَلَالُهُ {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣] وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الِاقْتِصَارُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُبُودِيَّةِ رَدًّا عَلَى عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ الْأَرْضِيَّةِ «قَالَ: (مَنْ أَنَا؟) : قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) » : أَيْ: بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَبِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِمَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ الْإِيمَانِ الْإِجْمَالِيِّ وَنَفْيِ التَّكْلِيفِ الِاسْتِدْلَالِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>