للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" الْفَصْلُ الثَّالِثُ "

٣٠٠٧ - عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: الْمَاءُ وَالْمِلْحُ وَالنَّارُ، قَالَتْ: قَلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْمَاءُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا بَالُ الْمِلْحِ وَالنَّارِ؟ قَالَ: يَا حُمَيْرَاءُ مَنْ أَعْطَى نَارًا فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا أَنْضَجَتْ تِلْكَ النَّارُ وَمَنْ أَعْطَى مِلْحًا فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا طَيَّبَتْ تِلْكَ الْمِلْحُ، وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ لَا يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

٣٠٠٧ - (عَنْ عَائِشَةَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - (قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ) الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ جِنْسُهُ (قَالَ: الْمَاءُ وَالْمِلْحُ وَالنَّارُ، قَالَتْ: قَلَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْمَاءُ قَدْ عَرَفْنَاهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: " الْجُمْلَةُ حَالٌ وَعَامِلُهُ مَا فِي هَذَا مِنْ مَعْنَى الْإِشَارَةِ وَفِي صَاحِبِهَا خِلَافٌ قِيلَ: الْمُقَدَّرُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ وَهُوَ الْمَجْرُورُ وَقِيلَ: الْخَبَرُ تَعْنِي قَدْ عَرَفْنَا حَالَ الْمَاءِ وَاحْتِيَاجَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ إِلَيْهِ وَتَضَرُّرَهَا بِالْمَنْعِ " (فَمَا بَالُ الْمِلْحِ وَالنَّارِ) أَيْ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمْرُ الْمِلْحِ وَالنَّارِ (قَالَ: يَا حُمَيْرَاءَ) تَصْغِيرُ حَمْرَاءُ يُرِيدُ الْبَيْضَاءَ كَذَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " نُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ جَمَالِ الدِّينِ يُوسُفَ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ حَدِيثٍ فِيهِ يَا حُمَيْرَاءُ فَهُوَ مَوْضُوعٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ " هَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا تَصِحُّ عَلَى عُمُومِهَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ اشْتِمَالِ الْحَدِيثِ عَلَى " يَا حُمَيْرَاءُ " لَا يَدُلُّ عَلَى الْوَضْعِ، نَعَمْ إِنْ وُجِدَ مَعَهُ أَسْبَابٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى الْوَضْعِ يُحْكَمُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا اه وَلَعَلَّ مُرَادَهُ كُلُّ حَدِيثٍ مُصَدَّرٍ بِيَا حُمَيْرَاءُ، وَقَدْ تَتَبَّعُوا تِلْكَ الْأَحَادِيثَ فَوَجَدُوهَا مَوْضُوعَةً وَنَظِيرُهُ مَا قَالَ السِّمْنَانِيُّ: وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ الَّتِي تُرْوَى فِي تَسْمِيَتِهَا يَا حُمَيْرَاءُ (مَنْ أَعْطَى نَارًا) أَيِ لِلَّهِ تَعَالَى (فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا أَنْضَجَتْ تِلْكَ النَّارُ) أَيْ: طَبَخَتْهُ ( «وَمَنْ أَعْطَى مِلْحًا فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا طَيَّبَتْ تِلْكَ الْمِلْحُ» ) قَالَ الطِّيبِيُّ: فَأَجَابَهَا بِمَا أَجَابَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنًا عَلَى الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ أَيْ: دَعِي عَنْكِ هَذَا وَانْظُرِي إِلَى مَنْ يُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا الثَّوَابَ الْجَزِيلَ عِنْدَ الْمَنْعِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْحَقِيرِ الَّذِي لَا يُعْبَأُ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ أَنَّثَ ضَمِيرَ الْمِلْحِ فِي قَوْلِهِ طَيَّبَتْ وَتِلْكَ مُرَادًا بِهَا الْقِلَّةُ وَالنُّدْرَةُ ( «وَمَنْ يَسْقِي مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ لَا يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا» ) أَيِ: الْمُسْلِمَ عَلَى تَأْوِيلِ النَّفْسِ أَوِ النِّسَمَةَ وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢] وَإِنَّمَا أَتَى بِالْمَاءِ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَسْئُولٍ عَنْهُ رَدًّا لَهَا وَلِادِّعَائِهَا الْعِرْفَانَ بِشَأْنِهِ يَعْنِي إِنَّكِ لَسْتِ تَعْرِفِينَهُ بِهَذَا الْوَجْهِ مُفَصَّلًا وَلِهَذَا أَخَّرَهُ أَيْضًا فِي الذِّكْرِ (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>