للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢٩ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «لَيْسَ صَلَاةً أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٦٢٩ - (وَعَنْهُ) : أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ صَلَاةً أَثْقَلَ) : بِالنَّصْبِ خَبَرُ لَيْسَ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَيْسَ إِمَّا حَرْفٌ بِمَعْنَى (لَا) كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ، وَإِمَّا فِعْلٌ نَاسِخٌ، وَحِينَئِذٍ فَمُسَوِّغُ كَوْنِ اسْمِهَا الَّذِي هُوَ مُبْتَدَأٌ فِي الْأَصْلِ نَكِرَةٌ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ نَفْيٍ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ اسْتِعْمَالِ لَيْسَ لِلنَّفْيِ الْعَامِ الْمُسْتَغْرِقِ لِلْجِنْسِ، وَيُؤَيِّدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} [الغاشية: ٦] اهـ.

وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: الصَّوَابُ الثَّانِي بِدَلِيلِ لَسْتَ لَسْتُمَا وَلَيْسُوا وَلَيْسَتْ، وَتَلَازُمٌ وَرَفْعُ الِاسْمِ وَنَصْبُ الْخَبَرِ، وَقِيلَ: قَدْ تَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ. أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ نَاصِبًا لِلْمُسْتَثْنَى بِمَنْزِلَةِ: (إِلَّا) نَحْوَ: أَتَوْنِي لَيْسَ زَيْدًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا النَّاسِخَةُ، وَأَنَّ اسْمَهَا ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِلْبَعْضِ الْمَفْهُومِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاسْتِتَارُهُ وَاجِبٌ، فَلَا يَلِيهَا فِي اللَّفْظِ إِلَّا الْمَنْصُوبُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ سَبَبَ قِرَاءَةِ سِيبَوَيْهِ النَّحْوَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لِكِتَابَةِ الْحَدِيثِ، فَاسْتَمْلَى مِنْهُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( «لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلَّا وَلَوْ شِئْتُ لَأَخَذْتُ عَلَيْهِ لَيْسَ أَبَا الدَّرْدَاءِ» ) ، فَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَاحَ بِهِ حَمَّادٌ لَحَنْتَ يَا سِيبَوَيْهِ إِنَّمَا هَذَا اسْتِثْنَاءٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَطْلُبَنَّ عِلْمًا لَا تُلْحِنُنِي مَعَهُ ثُمَّ مَضَى وَلَزِمَ الْأَخْفَشَ وَغَيْرَهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ اسْتِثْنَاءٌ يَعْنِي بِهِ مَعْنَى بِدَلِيلِ لُزُومِهِ النَّصْبَ " (عَلَى الْمُنَافِقِينَ) : وَخُصُّوا بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُمْ طُبِعُوا عَلَى الْكَسَلِ عَنِ الْعِبَادَةِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَفِي ذِكْرِهِمْ هُنَا غَايَةُ التَّحْذِيرِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمُخْلِصِينَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ) : وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: لِأَنَّ الْعِشَاءَ وَقْتُ الِاسْتِرَاحَةِ، وَالصُّبْحَ فِي الصَّيْفِ وَقْتُ لَذَّةِ النَّوْمِ، وَفِي الشِّتَاءِ وَقْتُ شِدَّةِ الْبَرْدِ. (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا) : مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ (لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ قَالَهُ مِيرَكُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>