للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُخْتَارُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ، وَصَحَّتِ الْأَحَادِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ، فَكَانَ هَذَا هُوَ مَذْهَبَهُ لِقَوْلِهِ: إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، وَاضْرِبُوا بِمَذْهَبِي عُرْضَ الْحَائِطِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَهَذَا مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ، وَالْحَدِيثُ نَصٌّ فِيهِ، وَقِيلَ الصُّبْحُ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ الظُّهْرُ، وَقِيلَ الْمَغْرِبُ، وَقِيلَ الْعِشَاءُ، وَقِيلَ أَخْفَاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّلَوَاتِ كَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَسَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي الْجُمُعَةِ اهـ.

وَقِيلَ: صَلَاةُ الضُّحَى أَوِ التَّهَجُّدِ أَوِ الْأَوَّابِينَ أَوِ الْجُمُعَةِ أَوِ الْعِيدِ أَوِ الْجَنَازَةِ، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ: صَلَاةُ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ إِلَى احْمِرَارِ الشَّمْسِ أَوِ اصْفِرَارِهَا، لِأَنَّ الْحَبْسَ وَإِنِ انْتَهَى إِلَى هَذَا الْوَقْتِ لَكِنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تَقَعْ إِلَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِذْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا مَعَ طُهْرِهَا وَنَحْوِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ جَاءَ بَعْدَمَا كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا) فَنَزَلَ بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّئُوا فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَفُتْهُ غَيْرُ الْعَصْرِ.

وَفَى التِّرْمِذِيِّ: أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ وَلَا تَعَارُضَ ; لِأَنَّ الْوَقْعَةَ اسْتَمَرَّتْ أَيَّامًا، فَكَانَ كُلٌّ فِي يَوْمٍ، وَفِي إِسْنَادِ الْحَبْسِ إِلَيْهِمْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ كَانَ بِسَبَبِ الِاشْتِغَالِ بِقِتَالِهِمْ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا مَانِعِينَ لِصَلَاتِهِمْ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَسِيَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الِاشْتِغَالِ، وَمُحْتَمَلٌ أَنَّهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا وَآثَرَ الِاشْتِغَالَ بِقِتَالِهِمْ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ (مَلَأَ اللَّهُ) : دَعَا عَلَيْهِمْ، وَأَخْرَجَهُ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ تَأْكِيدًا وَإِشْعَارًا بِأَنَّهُ مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمُجَابَةِ سَرِيعًا، وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي ثِقَةً بِالِاسْتِجَابَةِ، فَكَأَنَّهُ أُجِيبَ سُؤَالُهُ فَأَخْبَرَ عَنْ وُجُودِ إِجَابَتِهِ وَوُقُوعِهَا، وَلِذَا قَالُوا: غَفَرَ اللَّهُ لِفُلَانٍ أَبْلَغُ مِنَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ (بُيُوتَهُمْ) : بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا (وَقُبُورَهُمْ نَارًا) : قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ جَعَلَ اللَّهُ النَّارَ مُلَازِمَةً لَهُمْ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ، وَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقِيلَ: أَرَادَ عَذَابَ الدُّنْيَا مِنْ تَخْرِيبِ الْبُيُوتِ وَنَهْبِ الْأَمْوَالِ، وَسَبْيِ الْأَوْلَادِ، وَعَذَابَ الْآخِرَةِ بِاشْتِعَالِ قُبُورِهِمْ نَارًا، أَوِ الْأُسْلُوبُ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ لِذِكْرِ النَّارِ فِي الْبُيُوتِ، أَوْ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ اسْتُعِيرَتِ النَّارُ لِلْفِتْنَةِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : رَوَاهُ أَحْمَدُ، قَالَهُ مِيرَكُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>