النَّوْمِ يُقَالُ: مِنْهُ طَافَ الْخَيَالُ يَطِيفُ طَيْفًا وَمَطَافًا. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ (رَجُلٌ) : فِي الْحَدِيثِ فَاعِلٌ وَهُوَ الْخَيَالُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ: جَاءَ رَجُلٌ فِي عَالَمِ الْخَيَالِ (يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ) : الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِرَجُلٍ (فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟) : مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ (قُلْتُ: نَدْعُو) : أَيِ: النَّاسَ (بِهِ) : أَيْ: بِسَبَبِ ضَرْبِهِ وَحُصُولِ الصَّوْتِ بِهِ (إِلَى الصَّلَاةِ) : أَيْ: صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ أَوْ بَدَلٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ (قَالَ) : وَفِي نُسْخَةٍ: فَقَالَ: (أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى. قَالَ) : أَيِ: الرَّاوِي، وَهُوَ الرَّائِي (فَقَالَ) : أَيِ: الْمَرْئِيُّ (تَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَى آخِرِهِ) : أَيْ: إِلَى آخِرِ الْأَذَانِ بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ (وَكَذَا) : أَيْ: وَمِثْلُ الْأَذَانِ (الْإِقَامَةُ) : وَظَاهِرُهُ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَنَا أَيْ: أَعْلَمَهُ إِيَّاهَا. وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ أَيْ بَعْدَمَا عَلَّمَهُ الْأَذَانَ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ تَقُولَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ. (فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ) : أَيْ: مِنَ الرُّؤْيَا (فَقَالَ: " إِنَّهَا) : أَيْ: رُؤْيَاكَ (لَرُؤْيَا حَقٍّ) : أَيْ: ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ صَادِقَةٌ مُطَابِقَةٌ لِلْوَحْيِ، أَوْ مُوَافِقَةٌ لِلِاجْتِهَادِ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) : تَعَالَى لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِلتَّعْلِيقِ (فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ، فَأَلْقِ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ: أَمْلِ (عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ) : وَفِي نُسْخَةٍ فَيُؤَذِّنَ (بِهِ) : أَيْ: بِمَا يُلْقَى إِلَيْهِ (فَإِنَّهُ) : أَيْ: بِلَالًا (أَنْدَى) : أَيْ: أَرْفَعُ (صَوْتًا مِنْكَ) : قَالَ الرَّاغِبُ: أَصْلُ النِّدَاءِ مِنَ النَّدَى أَيِ الرُّطُوبَةِ يُقَالُ: صَوْتٌ نَدِيٌّ أَيْ رَفِيعٌ، وَاسْتِعَارَةُ النِّدَاءِ لِلصَّوْتِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَنْ تَكْثُرُ رُطُوبَةُ فَمِهِ حَسُنَ كَلَامُهُ، وَيُعَبَّرُ بِالنَّدَى عَنِ السَّخَاءِ. يُقَالُ: فُلَانٌ أَنْدَى كَفًّا مِنْ فُلَانٍ أَيْ: أَسْخَى اهـ.
وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ يُؤْخَذُ اسْتِحْبَابُ كَوْنِ الْمُؤَذِّنِ رَفِيعَ الصَّوْتِ حَسَنَهُ (فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ، فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ) : أَيْ: أُلَقِّنُهُ لَهُ (وَيُؤَذِّنُ بِهِ، قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ) : أَيْ: بِصَوْتِ الْأَذَانِ (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (فَخَرَجَ) : أَيْ: مُسْرِعًا. وَفِي رِوَايَةٍ: فَجَعَلَ (يَجُرُّ رِدَاءَهُ) : أَيْ: وَرَاءَهُ (يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا أَرَى) : وَلَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ صَدَرَ عَنْهُ بَعْدَمَا حَكَى لَهُ بِالرُّؤْيَا السَّابِقَةِ، أَوْ كَانَ مُكَاشَفَةً لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلِلَّهِ) : أَيْ: لَا لِغَيْرِهِ " الْحَمْدُ ": حَيْثُ أَظْهَرَ الْحَقَّ ظُهُورًا، وَازْدَادَ فِي الْبَيَانِ نُورًا. (رَوَاهُ، أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، إِلَّا أَنَّهُ) : أَيِ: ابْنَ مَاجَهْ (لَمْ يَذْكُرِ الْإِقَامَةَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّهُ) : أَيِ: التِّرْمِذِيَّ (لَمْ يُصَرِّحْ قِصَّةَ النَّاقُوسِ) : وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، وَلَوْ قُلْتَ إِنِّي لَمْ أَكُنْ نَائِمًا لَصَدَقْتَ. رَأَيْتُ شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَى آخِرِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: أَنَّ رُؤْيَاهُ كَانَتْ لَيْلَةَ شِتَاءٍ، وَفِي أَوْسَطِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَأَى أَيْضًا - وَفِي وَسِيطِ الْغَزَالِيِّ: رَآهُ بِضْعَةَ عَشَرَ، وَأَنْكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ، ثُمَّ مَشْرُوعِيَّةُ الْأَذَانِ فِي ثَانِي سِنِيِّ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ فِي أَوَّلِهَا، وَالرِّوَايَاتُ الْمُصَرِّحَةُ بِأَنَّهُ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا شَيْءٌ. وَفِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ «أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ جِبْرِيلُ أَذَّنَهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَسَمِعَهُ بِلَالٌ وَعُمَرُ، فَسَبَقَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَبَقَكَ بِهَا عُمَرُ» ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ يَقَظَةً، وَالْحَدِيثُ السَّابِقُ يَرُدُّ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute