وَالْمُصَلِّينَ وَالْمُعْتَكِفِينَ (ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ) أَمْرٌ مِنْ سَأَلَ بِالْهَمْزِ عَلَى النَّقْلِ وَالْحَذْفِ وَالِاسْتِغْنَاءِ، أَوْ مِنْ سَالَ بِالْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْهَمْزِ أَوِ الْوَاوِ أَوِ الْيَاءِ (لِيَ الْوَسِيلَةَ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: هِيَ فِي الْأَصْلِ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى الشَّيْءِ وَيُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ وَجَمْعُهَا وَسَائِلُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ تِلْكَ الْمَنْزِلَةُ مِنَ الْجَنَّةِ بِهَا لِأَنَّ الْوَاصِلَ إِلَيْهَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَائِزًا بِلِقَائِهِ، مَخْصُوصًا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الدَّرَجَاتِ بِأَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ قِيلَ: كَالْوَصْلَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الزُّلْفَى، وَأَمَّا الْوَسِيلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الدُّعَاءِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فَقِيلَ: هِيَ الشَّفَاعَةُ يَشْهَدُ لَهُ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ: " حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي "، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِيهِ بَحْثٌ. (فَإِنَّهَا) أَيِ: الْوَسِيلَةَ (مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ ") أَيْ: مِنْ مَنَازِلِهَا، وَهِيَ أَعْلَاهَا وَأَغْلَاهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ (لَا تَنْبَغِي) أَيْ: لَا تَتَسَيَّرُ وَلَا تَحْصُلُ وَلَا تَلِيقُ (إِلَّا لِعَبْدٍ) أَيْ: وَاحِدٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَّا لِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ (مِنْ عِبَادِ اللَّهِ) أَيْ: جَمِيعِهِمْ (وَأَرْجُو) : قَالَهُ تَوَاضُعًا ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ أَفْضَلَ الْأَنَامِ، فَلِمَنْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَقَامُ غَيْرَ ذَلِكَ الْهُمَامِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. (أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ) قِيلَ: هُوَ خَبَرُ كَانَ وُضِعَ مَوْضِعَ إِيَّاهُ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ بَابِ وَضْعِ الضَّمِيرِ مَوْضِعَ اسْمِ الْإِشَارَةِ أَيْ: كَوْنُ ذَلِكَ الْعَبْدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَا مُبْتَدَأً لَا تَأْكِيدًا وَهُوَ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَكُونَ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّمِيرَ وَحْدَهُ وُضِعَ مَوْضِعَ اسْمِ الْإِشَارَةِ (فَمَنْ سَأَلَ لِيَ) أَيْ: لِأَجْلِي، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: أَيْ لِي كَمَا فِي رِوَايَةٍ - غَفْلَةٌ عَنْ أَصْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ عَلَى النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ (الْوَسِيلَةَ) سَيَأْتِي بَيَانُ كَيْفِيَّةِ سُؤَالِ ذَلِكَ (حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ) : أَيْ: صَارَتْ حَلَالًا لَهُ غَيْرَ حَرَامٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ وَجَبَتْ، فَعَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَقِيلَ: مِنَ الْحُلُولِ بِمَعْنَى النُّزُولِ، يَعْنِي اسْتَحَقَّ أَنْ أَشْفَعَ لَهُ مُجَازَاةً لِدُعَائِهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، قَالَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute