٦٦٦ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَبَدٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى -، وَحَقَّ مَوْلَاهُ وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ، وَرَجُلٌ يُنَادِي بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٦٦٦ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثَلَاثَةٌ) أَيْ: أَشْخَاصٌ ( «عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ: ( «ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ» ) أَرَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ: يَغْبِطُهُمُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ. الْكُثْبَانُ - بِالضَّمِّ -: جَمْعُ كَثِيبٍ، وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الرَّمْلِ كَالتَّلِّ الصَّغِيرِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: عُبِّرَ عَنِ الثَّوَابِ بِكُثْبَانِ الْمِسْكِ لِرِفْعَتِهِ، وَظُهُورِ فَوَحِهِ، وَرُوحِ النَّاسِ مِنْ رَائِحَتِهِ لِتُنَاسِبَ حَالَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنَّ أَعْمَالَهُمْ مُتَجَاوِزَةٌ إِلَى الْغَيْرِ. اهـ.
وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْأَوْلَى الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ إِنْ قُلْنَا الْمُرَادُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ الدَّارُ الْآخِرَةُ (عَبْدٌ) أَيْ: قَنٌّ لِتَدْخُلَ فِيهِ الْأَمَةُ، عَلَى أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ نَقَلَ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا، وَالْمَعْنَى أَوْ لَهُمْ مَمْلُوكٌ (أَدَّى حَقَّ اللَّهِ) أَيْ: مَوْلَاهُ الْحَقِيقِيِّ (وَحَقَّ مَوْلَاهُ) أَيِ: الْمَجَازِيِّ (وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا) أَيْ: جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَإِمَامَتِهِ، وَقَوْمًا قَيْدٌ غَالِبِيُّ الْوُقُوعِ، وَإِلَّا فَيَكْفِي وَاحِدٌ، أَوِ الْمُرَادُ أَهْلُ الْمَحِلَّةِ، وَلِذَا قَالَ (وَهُمْ رَاضُونَ) فَبِرِضَاهُمْ يَكُونُ ثَوَابُ الْإِمَامِ أَكْثَرَ، وَلِأَنَّ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى الرِّضَا بِهِ دَلِيلٌ عَلَى صَلَاحِ حَالِهِ، وَإِنَّمَا وُصِفَ هُوَ بِالرِّضَا دُونَ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّ نَقْصَ صَلَاةِ الْإِمَامِ يَسْرِي لِنَقْصِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَكَذَا كَمَالُهَا بِخِلَافِ الْمُؤَذِّنِ، ثُمَّ الْعِبْرَةُ بِرِضَا أَكْثَرِهِمْ مِنْ عُلَمَائِهِمْ (وَرَجُلٌ يُنَادِي) أَيْ: يُؤَذِّنُ وَيُعْلِمُ (بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَصَفَهُ بِالْمُضَارِعِ تَقْرِيرًا لِفِعْلِهِ وَاسْتِحْضَارًا لَهُ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ اسْتِعْجَابًا مِنْهُ اهـ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إِيرَادَ الْمُضَارِعِ لِيُفِيدَ الِاسْتِمْرَارَ، وَلِذَا قَيَّدَهُ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى حَطِّ مَرْتَبَتِهِ عَنْ مَرْتَبَةِ الْإِمَامِ كَمَا يُومِئُ إِلَيْهِ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ، وَلَا يُنَافِي تَقَدُّمَ الْعَبْدِ ; لِأَنَّ مَقَامَ التَّعَجُّبِ يَقْتَضِيهِ، وَلِذَا خُصَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ كُلٍّ مِنَ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ (كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ: فِي كُلِّ يَوْمٍ كَمَا فِي رِوَايَةٍ (وَلَيْلَةٍ) أَيْ: دَائِمًا لِجَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ، وَبَيْنَ نَفْعَيِ الْقَاصِرِ وَالْمُتَعَدِّي. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا أُثِيبُوا بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ صَبَرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى كُرَبِ الطَّاعَةِ، فَرَوَّحَهُمُ اللَّهُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ بِأَنْفَاسٍ عَطِرَةٍ عَلَى تِلَالٍ مُرْتَفِعَةٍ مِنَ الْمِسْكِ إِكْرَامًا لَهُمْ بَيْنَ النَّاسِ لِعِظَمِ شَأْنِهِمْ وَشَرَفِ أَفْعَالِهِمْ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَفْظُهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «ثَلَاثَةٌ لَا يَهُولُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، وَلَا يَنَالُهُمُ الْحِسَابُ، وَهُمْ عَلَى كُثُبٍ مِنْ مِسْكٍ حَتَّى يَفْرَغَ حِسَابُ الْخَلَائِقِ: رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَأَمَّ بِهِ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ، وَدَاعٍ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَبَدٌ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوَالِيهِ» ) . وَرَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ وَلَفْظُهُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَوْ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّةً حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ لَمَا حَدَّثْتُ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « (ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَهُولُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَلَا يَفْزَعُونَ حِينَ يَفْزَعُ النَّاسُ: رَجُلٌ عَلِمَ الْقُرْآنَ فَقَامَ بِهِ يَطْلُبُ وَجْهَ اللَّهِ، وَمَا عِنْدَهُ، وَرَجُلٌ يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ ; يَطْلُبُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَمَا عِنْدَهُ، وَمَمْلُوكٌ لَمْ يَمْنَعْهُ رِقُّ الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute