للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧١٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ ; فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَدْفِنُهَا» ) .

ــ

٧١٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -: (إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) : وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ (فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ) : نَهْيٌ، وَقِيلَ: نَفْيٌ مَعْنَاهُ النَّهْيِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ أَيْ: لَا يُسْقِطِ الْبُزَاقُ أَمَامَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَتَخْصِيصُ الْقِبْلَةِ اسْتِوَاءُ جَمِيعِ الْجِهَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِتَعْظِيمِهَا. (فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ) أَيْ: يُخَاطِبُهُ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَمَنْ يُنَاجِي أَحَدًا مَثَلًا لَا يَبْصُقُ نَحْوَهُ. (وَلَا عَنْ يَمِينِهِ) : تَعْظِيمًا لِلْيَمِينِ وَزِيَادَةً لِشَرَفِهَا (فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا) : يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ الرَّحْمَةِ، فَهُوَ أَشْرَفُ وَالتَّنْكِيرُ لِلتَّعْظِيمِ، وَقَدْ وَرَدَ: إِنَّهُ أَمِيرٌ عَلَى مَلَكِ الْيَسَارِ يَمْنَعُهُ مِنْ كِتَابَةِ السَّيِّئَاتِ إِلَى ثَلَاثِ سَاعَاتٍ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الطَّاعَاتِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ مَلَكٌ آخَرُ غَيْرُ الْحَفَظَةِ يَحْضُرُ عِنْدَ الصَّلَاةِ لِلتَّأْيِيدِ وَالْإِلْهَامِ وَالتَّامَّيْنِ عَلَى دُعَائِهِ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الزَّائِرِ، فَيَجِبُ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ فَوْقَ مَنْ يَحْفَظُهُ مِنَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخَصَّ صَاحِبُ الْيَمِينِ بِالْكَرَامَةِ، تَنْبِيهًا عَلَى مَا بَيْنَ الْمَلَكَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، كَمَا بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ. أَيْ: مِنَ الْقُوَّةِ وَالْكَرَامَةِ، وَتَمْيِيزًا بَيْنَ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةِ الْعَذَابِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ؛ فَإِنَّ بُصَاقَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ يَسَارِهِ اهـ.

وَهُوَ وَجِيهٌ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ عَنِ الْيَمِينِ أَوْلَى، تَمَّ كَلَامُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِذَا صَلَّى دَاخِلَ الْكَعْبَةِ أَوِ الْحِجْرِ، فَيَتَعَيَّنُ تَحْتَ قَدَمِهِ إِذَا كَانَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ أَوْ يَأْخُذُهُ بِكُمِّهِ أَوْ ذَيْلِهِ (لِيَبْصُقْ) وَفِي نُسْخَةٍ: بِوَاوِ الْعَطْفِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَتُسَكَّنُ (عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ: عَلَى ثَوْبِهِ إِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ (أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ) إِذَا كَانَ تَحْتَهُ ثَوْبُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَتَحْتَ قَدَمِهِ بِالْوَاوِ، وَفِي أُخْرَى: بِلَا وَاوٍ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، أَوْ فِيهِ وَلَمْ يَصِلِ الْبُزَاقُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَيُلْحَقُ بِالصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ خَارِجُهَا وَلَوْ غَيْرُ الْمَسْجِدِ، خِلَافًا لِلْأَذْرُعِيِّ كَالسُّبْكِيِّ، ثُمَّ قِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ هُوَ خَارِجُهَا مُطْلَقًا، وَقِيلَ: كَانَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِكَرَاهَةِ إِمَامِهِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَبْصُقَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَيْسَ فِي صَلَاةٍ. وَعَنْ مُعَاذٍ: مَا بَصَقْتُ عَنْ يَمِينِي مُنْذُ أَسْلَمْتُ. قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَكَانَ الَّذِي خَصَّهُ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ أَخْذَهُ مِنْ تَعْلِيلِ النَّهْيِ بِأَنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إِنْ قُلْنَا الْمُرَادُ بِالْمَلَكِ غَيْرُ الْكَاتِبِ، وَإِلَّا فَقَدِ اسْتُشْكِلَ اخْتِصَاصُهُ يَعْنِي: بِالْمَنْعِ مَعَ أَنَّ عَلَى الْيَسَارِ مَلَكًا آخَرَ، وَأَجَابَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُدَمَاءِ: بِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِهِ بِمَلَكِ الْيَمِينِ تَشْرِيفًا لَهُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: بِأَنَّ الصَّلَاةَ أُمُّ الْحَسَنَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، فَلَا دَخْلَ لِكَاتِبِ السَّيِّئَاتِ فِيهَا، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ. وَفِي الطَّبَرَانِيِّ: أَنَّهُ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، وَمَلَكٌ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَرِينُهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَالْبُصَاقُ حِينَئِذٍ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقَرِينِ وَهُوَ الشَّيْطَانُ، وَلَعَلَّ مَلَكَ الْيَسَارِ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. (فَيَدْفِنُهَا) : - بِالرَّفْعِ وَيُجْزَمُ - لِدَفْعِ الْأَذَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>