الفصل الثاني
٧٨١ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ قَالَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَلْيَنْصِبْ عَصَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصَى فَلْيَخْطُطْ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ــ
٧٨١ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ) ، أَيْ: أَرَادَ الصَّلَاةَ (" فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ") ، أَيْ: حِذَاءَهُ لَكِنْ إِلَى أَحَدِ حَاجِبَيْهِ لَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ (" شَيْئًا ") ، أَيْ: بِنَاءً أَوْ شَجَرًا أَوْ عُودًا أَوْ عَمُودًا (" فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ") ، أَيْ: شَيْئًا مَنْصُوبًا (فَلْيَنْصِبْ عَصَاهُ ") ، فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَلَوْ أَلْقَى عَصَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَمْ يَغْرِزْهَا قِيلَ: يُجَزِئُهُ عَنِ السُّتْرَةِ، وَقِيلَ: لَا، وَفِي الْكِفَايَةِ يَضَعُ طُولًا لَا عَرْضًا لِيَكُونَ عَلَى مِثَالِ الْغَرْزِ (" «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًى، فَلْيَخْطُطْ» ") : بِضَمِّ الطَّاءِ (" خَطًّا ") : حَتَّى يُبَيِّنَ فَصْلًا، فَلَا يَتَخَطَّى الْمَارُّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدِنَا فَقِيلَ: الْمُخْتَارُ يَخُطُّ خَطًّا كَالْمِحْرَابِ، وَقِيلَ: مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ إِلَى شِمَالِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، أَنْ يَكُونَ طُولًا فِي قُدَّامِهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ شَرِيكًا صَلَّى بِنَا فَوَضَعَ قَلَنْسُوَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ (" ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ ") ، أَيْ: بَعْدَ اسْتِتَارِهِ (" مَا مَرَّ أَمَامَهُ ") : أَيْ أَمَامَ سُتْرَتِهِ، (رَوَاهُ، أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ) : قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ نَجِدْ شَيْئًا نَشُدُّ بِهِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَجِئْ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ إِلَى ضَعْفِهِ وَاضْطِرَابِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، سُئِلَ عَنْ وَصْفِ الْخَطِّ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ: هَكَذَا عَرْضًا مِثْلَ الْهِلَالِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَمِعْتُ مُسَدَّدًا قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْخَطُّ بِالطُّولِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْخَطِّ فَقِيلَ: يَكُونُ مُقَوَّسًا كَهَيْئَةِ الْمِحْرَابِ، وَقِيلَ قَائِمًا مَمْدُودًا بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ، وَقِيلَ: مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ إِلَى شِمَالِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ الْخَطَّ اهـ.
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ يَعْنِي فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا بِاسْتِحْبَابِهِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: صَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا بَأْسَ بِالْعَمَلِ بِهِ وَإِنِ اضْطَرَبَ إِسْنَادُهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَجَزَمَ بِضَعْفِهِ النَّوَوِيُّ، وَقَاسَ الْأَئِمَّةُ عَلَى الْخَطِّ الْمُصَلِّي كَسَجَّادَةٍ مَفْرُوشَةٍ، وَهُوَ قِيَاسٌ أَوْلَوِيٌّ ; لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ أَبْلَغُ فِي دَفْعِ الْمَارِّ مِنَ الْخَطِّ السَّابِقِ، وَاخْتُلِفَ أَنَّ التَّرْتِيبَ لِلْأَكْمَلِيَّةِ أَوِ الْأَحَقِّيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute