٧٩٧ - وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفْعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ رَفَعَهُمَا وَكَبَّرَ فَرَكَعَ، فَلَمَّا قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا سَجَدَ، سَجَدَ بَيْنَ كَفَّيْهِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٧٩٧ - (وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ) : بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ يَعَمَرَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْمِيمِ، أَبُو هُنَيْدَةَ الْحَضْرَمِيُّ، كَانَ قَيْلًا مِنْ أَقْيَالِ حَضْرَمَوْتَ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ مُلُوكِهِمْ، وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُقَالُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَشَّرَ أَصْحَابَهُ بِقُدُومِهِ، وَقَالَ: «يَأْتِيكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ مِنْ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا رَاغِبًا فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ، وَهُوَ بَقِيَّةٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَاهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَبَسَطَ لَهُ رِدَاءَهُ فَأَجْلَسَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي وَائِلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ» ) رَوَى عَنْهُ وَلَدَاهُ عَلْقَمَةُ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ وَجَمَاعَةٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، كَذَا نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ (أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفَعَ يَدَيْهِ) : حَالٌ، أَيْ: نَظَرَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَافِعًا يَدَيْهِ (حِينَ دَخَلَ) : أَيْ أَرَادَ الدُّخُولَ (فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: كَبَّرَ بِالْوَاوِ وَفِي بَعْضِ نَسْخِ الْمَصَابِيحِ عَطْفًا عَلَى يُدْخِلُ، وَفِي بَعْضِهَا وَفِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ وَكِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ، وَجَامِعِ الْأُصُولِ بِغَيْرِ وَاوٍ مُقَيَّدًا بِلَفْظٍ كَذَا فَوْقَهُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حَالًا " وَقَدْ " مُقَدَّرَةٌ وَأَنْ يُرَادَ بِالدُّخُولِ الشُّرُوعُ فِيهَا وَالْعَزْمُ عَلَيْهَا بِالْقَلْبِ، فَيُوَافِقَ مَعْنَى الْعَطْفِ، وَيَلْزَمَ مِنْهُ الْمُوَاطَأَةُ يَعْنِي عَمَلَ الْجَارِحَةِ وَاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ، وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ كَبَّرَ بَيَانًا لِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَيُرَادَ بِالدُّخُولِ افْتِتَاحُهَا بِالتَّكْبِيرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ (ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ) ، أَيْ: تَسَتَّرَ بِهِ يَعْنِي: أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنَ الْكُمِّ حِينَ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ التَّكْبِيرِ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَلَعَلَّ الْتِحَافَ يَدَيْهِ بِكُمَّيْهِ لِبَرْدٍ شَدِيدٍ، أَوْ لِبَيَانِ أَنَّ كَشْفَ الْيَدَيْنِ فِي غَيْرِ التَّكْبِيرِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
قُلْتُ: فِيهِ أَنَّهُ عِنْدَ التَّكْبِيرِ أَيْضًا غَيْرُ وَاجِبٍ، بَلْ مُسْتَحَبٌّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ سَقَطَ ثَوْبُهُ عَنْ كَتِفِهِ فَأَعَادَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ نَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ فَأَخَذَهُ وَالْتَحَفَ بِهِ، قُلْتُ: الِاحْتِمَالُ الثَّانِي بَعِيدٌ جِدًّا مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى مُعَالَجَةٍ كَثِيرَةٍ، قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ سُنَّةٌ فِي صَلَاتِهِ تَدَارُكُهَا إِذَا أَمْكَنَهُ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ أَيِ الرِّدَاءِ سُنَّةٌ، وَمِنَ الثَّانِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهَا تَدَارُكُهَا، وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ إِنْ أَمْكَنَ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الَّذِي يَتَّجِهُ فِيمَنْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِلَا سِوَاكٍ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ تَدَارُكُهُ فِيهَا بِفِعْلٍ قَلِيلٍ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute