للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ عَلَى مَالِكٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] فَمَدْلُولُ اللَّفْظِ طَلَبُ النَّحْرِ نَفْسِهِ، وَهُوَ غَيْرُ طَلَبِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ النَّحْرِ، فَالْمُرَادُ نَحْرُ الْأُضْحِيَةِ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ لَيْسَ هُوَ حَقِيقَةَ وَضْعِهَا عَلَى النَّحْرِ، فَصَارَ الثَّابِتُ هُوَ وَضْعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَكَوْنُهُ تَحْتَ السُّرَّةِ أَوِ الصَّدْرِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَدِيثٌ يُوجِبُ الْعَمَلَ، فَيُحَالُ عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْ وَضْعِهِمَا حَالَ قَصْدِ التَّعْظِيمِ فِي الْقِيَامِ، وَالْمَعْهُودُ فِي الشَّاهِدِ تَحْتَ السُّرَّةِ، ثُمَّ قِيلَ كَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَضَعَ الْكَفَّ عَلَى الْكَفِّ، وَقِيلَ: عَلَى الْمِفْصَلِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَقْبِضُ بِالْيُمْنَى رُسْغَ الْيُسْرَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَضَعُهَا كَذَلِكَ وَيَكُونُ الرُّسْغُ وَسَطَ الْكَفِّ، وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِالْإِبْهَامِ وَالْخِنْصَرِ يَعْنِي: وَيَضَعُ الْبَاقِي فَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ الْآخِذِ وَالْوَضْعِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ اهـ.

فَمَا ادَّعَاهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْوَضْعِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ سُرَّتِهِ وَصَدْرِهِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ» ، أَيْ: آخِرَهُ فَيُكُونَانِ تَحْتَهُ بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ تَحْتَ صَدْرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ إِلَى تَصْرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] ، أَيْ: وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ النَّحْرِ اهـ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقْبِضَ بِكَفِّ الْيُمْنَى كُوعَ الْيُسْرَى، وَهُوَ الْعَظَمُ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ وَبَعْضَ رُسْغِهَا، وَهُوَ الْمِفْصَلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ، وَسَاعِدَهَا وَبِأَصَابِعِهَا مِفْصَلَ الْيُسْرَى، لِأَنَّهُ صَحَّ «عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ أَخَذَ بِيَمِينِهِ يَسَارَهُ» (فِي الصَّلَاةِ) : وَمَحَلُّ الْوَضْعِ مِنْهَا كُلُّ قِيَامٍ فِيهِ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>