للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِجَلَائِلِ الرَّحْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَدَقَائِقِ الْعَوَاطِفِ الرَّبَّانِيَّةِ الَّتِي أَخْرَجَتِ الْخَلْقَ مِنْ ظُلْمَةِ الْعَدَمِ إِلَى نُورِ الْوُجُودِ؛ لِيَتَسَارَعُوا إِلَى مَرْضَاتِهِ، وَلِيَتَزَوَّدُوا فِي الْمَسِيرِ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ وَدَرَجَاتِ جَنَّاتِهِ (وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] ، أَيِ: الْجَزَاءِ (قَالَ: مَجَّدَنِي) ، أَيْ: عَظَّمَنِي (عَبْدِي) : وَالتَّمْجِيدُ نِسْبَتُهُ إِلَى الْمَجْدِ وَهُوَ الْكَرَمُ أَوِ الْعَظَمَةُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: التَّمْجِيدُ الثَّنَاءُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ، وَوَجْهُ مُطَابَقَتِهِ لِقَوْلِهِ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] ، هُوَ أَنَّهُ تَضَمَّنَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْمُلْكِ فِيهِ كَمَا فِي الدُّنْيَا، وَفِي هَذَا الِاعْتِرَافِ مِنَ التَّعْظِيمِ وَالتَّفْوِيضِ لِلْأَمْرِ مَا لَا يَخْفَى (وَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] ، أَيْ: نَخُصُّكَ بِالْعِبَادَةِ {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] ، أَيْ: نَخُصُّكَ بِالِاسْتِعَانَةِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا (قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي) : لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِعَانَةَ مِنَ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] لِلْعَبْدِ (وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ) ، أَيْ: بَعْدَ هَذَا (فَإِذَا قَالَ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] ، أَيْ: ثَبِّتْنَا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ طَرِيقِ مُتَابَعَةِ الْحَبِيبِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] : مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ فِي الْوُقُوفِ، مِنْ أَنَّ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آيَةٌ، بِخِلَافِ الْكُوفِيِّينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ سَبْعُ آيَاتٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَسْمَلَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] ، أَيِ: الْيَهُودِ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] ، أَيِ: النَّصَارَى ( «قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» ) ، أَيْ: غَيْرُ هَذَا أَوِ الْمَعْنَى هَذَا وَنَحْوُ هَذَا، فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ لَا فَائِدَةَ فِي الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَدْعُوَّ إِنْ قَدَّرَ وُقُوعَهُ، فَهُوَ وَاقِعٌ، وَإِنْ فُقِدَ الدُّعَاءُ، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَإِنْ وَقَعَ الدُّعَاءُ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا يُرْشِدُ إِلَى سُرْعَةِ إِجَابَتِهِ قُلْتُ: وَإِلَى الرَّجَاءِ إِلَى إِجَابَةِ سَائِرِ حَاجَتِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : قَالَ مِيرَكُ: اللَّفْظُ لَهُ وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>