٨٣٨ - «وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: ١] » ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٨٣٨ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: كَانَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ لِلِاسْتِمْرَارِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: ١١] بَلْ هُوَ لِلْحَالِ الْمُتَجَدِّدَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: ٢٩] (وَيَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ) ، أَيْ: فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ (يَوْمَ الْجُمُعَةِ) : بِضَمِّ الْمِيمِ وَتُسَكَّنُ، وَلَعَلَّ حِكْمَتَهُ ذِكْرُ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَخَلْقُ آدَمَ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَأَهْلِهَا، وَأَحْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ كَائِنٌ وَيَقَعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (بِـ الم: الْبَاءُ زَائِدَةٌ (تَنْزِيلُ) : بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: ١] : وَلِذَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي مُدَاوَمَةَ ذَلِكَ، وَقَالَ جَمْعٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْأَوْلَى لِلْإِمَامِ تَرْكُ تِينِكَ السُّورَتَيْنِ، أَوِ السُّجُودِ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ الْعَامَّةَ صَارُوا يَعْتَقِدُونَ وُجُوبَ قِرَاءَتِهِ ذَلِكَ، وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ، أَقُولُ: بَلْ بَعْضُ الْعَامَّةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ، فَإِنَّ عِنْدَ نُزُولِ النَّاسِ إِلَى السَّجْدَةِ يَحْسَبُ الْجَاهِلُ أَنَّهُمْ سَبَقُوهُ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ، فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقُومُ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَانِنَا بِخُصُوصِهِ لِبَعْضِ الْعَوَامِّ، بَلْ مِنَ اللَّطَائِفِ أَنَّ بَعْضَ الْعَجَمِ رَاحُوا إِلَى بُخَارَى فَقَالَ وَاحِدٌ: رَأَيْتُ مِنَ الْعَجَائِبِ فِي مَكَّةَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، فَقَالَ الْآخَرُ: إِنَّمَا يُصَلُّونَ بِهَذَا صُبْحَ الْجُمُعَةِ لَا مُطْلَقًا، وَسَبَبُ هَذَا كُلُّهُ مُدَاوَمَةُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى هَذَا، وَتَرَكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ هَذَا الْعَمَلَ مُطْلَقًا، فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ أَيْضًا كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَلَعَلَّ مُلَاحَظَتَهُمْ أَنَّ فِي مُحَافَظَةِ الْعَوَامِّ فِي تَرْكِهِ أَظْهَرَ مَنْ فِعْلِهِ؛ وَلِذَا جُوَّزُوا تَرْكَ سُجُودِ السَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ قَالَهُ مِيرَكُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُدِيمُ قِرَاءَةَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَتَصْوِيبُ أَبِي حَاتِمٍ إِرْسَالَهُ لَا يُنَافِي الِاحْتِجَاجَ بِهِ، فَإِنَّ الْمُرْسَلَ يُعْمَلُ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إِجْمَاعًا عَلَى أَنَّ لَهُ شَاهِدًا، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا فِي الْكَبِيرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ " كُلَّ جُمُعَةٍ " نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَأَ بِغَيْرِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَبَرُ " أَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِسَجْدَةٍ غَيْرِ الم تَنْزِيلُ " فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ هُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَصَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَسَجَدَ بِهِمْ فِيهَا، وَزُعِمَ: احْتِمَالُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ " الم تَنْزِيلُ " وَلَمْ يَسْجُدْ بَاطِلٌ، فَقَدْ صَحَّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَجَدَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ فِي " الم تَنْزِيلُ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute