الْفَصْلُ الثَّانِي
٨٤٤ - (٢٣) «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١] » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ.
٨٤٤ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١] : أَيْ سِرًّا لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ مَا كَانَ يُبَسْمِلُ، بَلْ كَانَ يَفْتَتِحُ بِـ " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] "، قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: افْتِتَاحُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْبَسْمَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِجَوَازِ افْتِتَاحِهِ بِهَا اسْتِحْبَابًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ افْتَتَحَ مَخَافَةَ خِلَافِ الظَّاهِرِ، قُلْتُ: وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ خِلَافَ الظَّاهِرِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ) : أَيْ، بِذَاكَ الْقَوِيِّ قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِذَاكَ مَا فِي ذِهْنِ مَنْ يَعْتَنِي بِعِلْمِ الْحَدِيثِ، وَيَعْتَدُّ بِالْإِسْنَادِ الْقَوِيِّ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهْمٌ لِمَا تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عِيسَى بِإِخْرَاجِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَهُ مِيرَكُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ حَدِيثٌ لَا جَرَمَ أَنَّ الْحَاكِمَ رَوَاهُ وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ مَجْرُوحٌ قَالَهُ فِي التَّخْرِيجِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا يُؤَثِّرُ تَضْعِيفُ التِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ فِي أَنَّ الْبَسْمَلَةَ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ عَمَلًا وَظَنًّا لَا قَطْعًا لِصِحَّةِ أَحَادِيثَ أُخَرَ فِيهَا، مِنْهَا: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَأَهَا ثُمَّ الْفَاتِحَةَ وَعَدَّهَا آيَةً مِنْهَا، صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «إِذَا قَرَأْتُمْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَاقْرَءُوا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١] فَإِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي، وَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِحْدَى آيَاتِهَا» "، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَنَازَعَ فِيهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِمَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَمِنْهَا مَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: ٨٧] فَقِيلَ: أَيْنَ السَّابِعَةُ؟ فَقَالَ: الْبَسْمَلَةُ، قَالَ: وَمَذْهَبُنَا أَيْضًا أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ بِالْفَاتِحَةِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَعِشْرُونَ صَحَابِيًّا بِطُرُقٍ ثَابِتَةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
قُلْتُ: يُعَارِضُهُ «حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا جَهَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَا عُمَرُ» ، وَقَوْلُ ابْنِ جُبَيْرٍ: إِنَّ الْجَهْرَ مَنْسُوخٌ، وَسَيَأْتِي «حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَيْ بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالْحَدَثَ فَإِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُولُهُ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ الْجَهْرُ بِدْعَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute