٨٥٦ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْبَيَاضِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ بِهِ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ» "، رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ــ
٨٥٦ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْبَيَاضِيِّ) : الْوَاوُ عَاطِفَةٌ، وَالْبَيَاضِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْغَنَّامِ، قَالَ مِيرَكُ نَقْلًا عَنِ الْأَنْسَابِ: إِنَّهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِوَاحِدَةٍ، وَالْيَاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا، وَفِي آخِرِهَا الضَّادُ الْمُعْجَمَةُ، وَهَذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى أَشْيَاءَ مِنْهَا بَيَاضَةُ الْأَنْصَارِ وَهُوَ بَطْنٌ مِنْهُمْ اهـ، وَفِي التَّقْرِيبِ أَبُو حَاتِمٍ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمْ صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثٌ، وَقِيلَ: لَا صُحْبَةَ لَهُ.، (قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ) ، أَيْ: يُحَادِثُهُ وَيُكَالِمُهُ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَمَالِ قُرْبِهِ الْمَعْنَوِيِّ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِعْرَاجُ الْمُؤْمِنِ (فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ: مَا يُنَاجِي بِهِ، " مَا " اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ، أَيْ: مَا يُنَاجِي الرَّبَّ تَعَالَى مِنَ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ وَالْحُضُورِ وَالْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ؛ إِذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا عَقَلَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، فَلْيَتَفَكَّرْ فِي مَعَانِيهِ، أَوْ فَلْيَتَأَمَّلْ مَا يُنَاجِيهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَالضَّمِيرُ فِي يُنَاجِيهِ رَاجِعٌ إِلَى الرَّبِّ، وَفِي بِهِ إِلَى " مَا " وَمَا مَفْعُولٌ فَلْيَنْظُرْ بِمَعْنَى فَلْيَتَأَمَّلْ فِي حَوَابِ مَا يُنَاجِيهِ مِنَ الْقَوْلِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ، وَمُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ اللِّسَانَ وَالْإِقْبَالِ إِلَى اللَّهِ بِشَرَاشِرِهِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا لَمْ يُنَازِعْهُ صَاحِبُهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: ( «وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ» ) : وَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَنْ هُوَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: عُدِّيَ بِعَلَى لِإِرَادَةِ مَعْنَى الْغَلَبَةِ، أَيْ: لَا يَغْلِبُ وَلَا يُشَوِّشُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ جَاهِرًا بِالْقِرَاءَةِ اهـ، وَالْبَعْضُ أَعَمُّ مِنْ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ أَوْ قَارِئٍ، وَقَوْلُهُ: بِالْقُرْآنِ أَيْ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي، وَالْإِيذَاءُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِينَ فَضْلًا عَنِ الْمُصَلِّينَ، فَضْلًا عَنِ الْمُقْرِئِينَ، فَعُلِمَ إِيضَاحُ وَجْهِ ارْتِبَاطِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِمَا قَبْلَهَا، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الْجَهْرُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ إِمَامِهِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ) : وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَلِلنَّسَائِيِّ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute