للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٧١ - «وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٨٧١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ) : مِنَ الْإِكْثَارِ (أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: " «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ» ) ، أَيْ: سَبَّحْتُكَ إِجَابَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور: ٤٨] قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، فَالْمَعْنَى حِينَ تَقُومُ لِلْعِبَادَةِ، وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ حِينَ تَقُومُ مِنْ مَجْلِسِكَ، أَوْ مِنَ النَّوْمِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي) ، أَيْ: إِجَابَةً لِقَوْلِهِ: {رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ} [المؤمنون: ١١٨] ، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَأَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ} [المؤمنون: ١١٨] (٢) ، وَهُوَ لَا يُلَائِمُ تَبْدِيلَ رَبِّ بِـ (اللَّهُمَّ) ، وَالِاقْتِصَارَ عَلَى قَوْلِهِ: اغْفِرْ، فَالْأَظْهَرُ إِجَابَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩] فَالْمَعْنَى لِي وَلِأُمَّتِي، وَفِي الْحَقِيقَةِ لِأُمَّتِي؛ فَإِنَّهُ مَغْفُورٌ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ طَلَبَ تَثْبِيتَ الْمَغْفِرَةِ أَوْ حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ، (يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ) : قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: أَيْ يَعْمَلُ مَا أُمِرَ بِهِ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ: يُفَسِّرُهُ وَيَقُولُ وَيَنْظُرُ إِلَى مَا تَئُولُ إِلَيْهِ كَلِمَاتُ الْقُرْآنِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ وَالِاسْتِغْفَارِ قَالَ الْقَاضِي: جُمْلَةٌ وَقَعَتْ حَالًا عَنْ ضَمِيرِ يَقُولُ أَيْ يَقُولُ مُتَأَوِّلًا لِلْقُرْآنِ، أَيْ: مُبَيِّنًا مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: ٣] آتِيًا بِمُقْتَضَاهُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَهُوَ أَظْهَرُ لَفْظًا وَمَعْنًى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، لَكِنْ جَعْلُهُ فِي أَفْضَلِ الْأَحْوَالِ - وَهُوَ الصَّلَاةُ - أَبْلَغُ فِي الِامْتِثَالِ وَأَظْهَرُ فِي التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» "، فَيُسَنُّ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَصَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِمَا: " «سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» "، وَصَحَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] كَانَ يُكْثِرُ إِذَا قَرَأَهَا وَرَكَعَ أَنْ يَقُولَ: " «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>