٨٩٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: " حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا "، وَقِيلَ: هَذَا مَنْسُوخٌ.
ــ
٨٩٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ» ) : نَهْيٌ، وَقِيلَ: نَفْيٌ ( «كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ» ) ، أَيْ: لَا يَضَعْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ شُبِّهَ ذَلِكَ بِبُرُوكِ الْبَعِيرِ، مَعَ أَنَّهُ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّ رُكْبَةَ الْإِنْسَانِ فِي الرِّجْلِ، وَرُكْبَةَ الدَّوَابِّ فِي الْيَدِ، وَإِذَا وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا فَقَدْ شَابَهَ الْإِبِلَ فِي الْبُرُوكِ (وَلْيَضَعَ) : بِسُكُونِ اللَّامِ وَتُكْسَرُ ( «يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: كَيْفَ هِيَ عَنْ بُرُوكِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، وَالْبَعِيرُ يَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ؛ وَالْجَوَابُ: الرُّكْبَةُ مِنَ الْإِنْسَانِ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَمِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ فِي الْيَدَيْنِ، (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ مِيرَكُ: وَهَذَا لَفْظُهُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ (وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: سَنَدُهُ جَيِّدٌ (قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ) : مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ (حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا) : قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْأَحَبَّ لِلسَّاجِدِ أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ، لِمَا رَوَاهُ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ بِعَكْسِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ عِنْدَ أَرْبَابِ النَّقْلِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَثْبَتَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْحُفَّاظِ صَحَّحُوهُ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ أَنَّ فِي سَنَدِهِ شَرِيكًا الْقَاضِيَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ؛ لِأَنَّ مُسْلِمًا رَوَى لَهُ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ فَيَجْبُرُهُمَا، (وَقِيلَ: هَذَا) ، أَيْ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ (مَنْسُوخٌ) .
قَالَ مِيرَكُ: نَاقِلًا عَنِ التَّصْحِيحِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَأَمَرَنَا بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ» ، رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، فَلَوْلَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَابِقًا عَلَى ذَلِكَ لَزِمَ النَّسْخُ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ آخِرُهُ انْقَلَبَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَأَنَّهُ كَانَ لَا يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ يُخَالِفُ آخِرَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ فَقَدْ بَرَكَ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، فَإِنَّ الْبَعِيرَ يَضَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، إِذَا لَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمْ يَبْقَ اعْتِمَادٌ عَلَى رِوَايَةِ رَاوٍ مَعَ كَوْنِهَا صَحِيحَةً، ثُمَّ قَالَ، فَإِنْ قِيلَ: رُكْبَتَا الْبَعِيرِ فِي يَدَيْهِ لَا فِي رِجْلَيْهِ، فَهُوَ إِذَا بَرَكَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا، فَهَذَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، قُلْتُ: هَذَا فَاسِدٌ مِنْ وُجُوهٍ.
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْبَعِيرَ إِذْ بَرَكَ فَإِنَّهُ يَضَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا، وَتَبْقَى رِجْلَاهُ قَائِمَتَيْنِ، وَإِذَا نَهَضَ فَإِنَّهُ يَنْهَضُ بِرِجْلَيْهِ أَوَّلًا، وَتَبْقَى يَدَاهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفَعَلَ خِلَافَهُ اهـ، وَفِيهِ أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ، ثُمَّ قَالَ: فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَا يَقَعُ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إِلَيْهَا، وَأَوَّلُ مَا يُرْفَعُ عَنِ الْأَرْضِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى مِنْهَا، فَكَانَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَبْهَتَهُ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَ رَأْسَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ، قُلْتُ: هَذَا مَذْهَبُنَا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ التَّأْوِيلِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا عَكْسُ فِعْلِ الْبَعِيرِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى فِي الصَّلَاةِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْحَيَوَانَاتِ، فَنَهَى عَنْ بُرُوكٍ كَبَرُوكِ الْبَعِيرِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ، وَافْتِرَاشٍ كَافْتِرَاشِ السَّبْعِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute