قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: (كمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ) ، كَيْفَ يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ، كَمَا ذُكِرَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَجَابَ الْقَاضِي: بِأَنَّ الْآلَ مُقْحَمٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِي مُوسَى: " «أَنَّهُ أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» " وَلَمْ يَكُنْ لَهُ آلٌ مَشْهُورٌ بِحُسْنِ الصَّوْتِ، وَفِيهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَهُ آلٌ مَشْهُورٌ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة: ٢٤٨] قِيلَ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ يُسَاعِدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَهْلِ، فَيَكُونَ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ تَمْهِيدًا لِذِكْرِ الْأَهْلِ تَشْرِيفًا لَهُمْ وَتَكْرِيمًا، وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ هُوَ الْأَهْلَ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ الْمَقْصُودُ فِي الصَّلَاةِ، وَآلُهُ تَبَعٌ لَهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا لَهُ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ مَا قَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ ابْتِدَاءً مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، لِأَنَّهُ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ نُهِينَا عَنْهُ، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ: السَّلَامُ كَالصَّلَاةِ، يَعْنِي: لَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ إِلَّا تَبَعًا، (" وَبَارِكْ ") ، أَيْ: زِدِ الْبَرَكَةَ وَهُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ (" «عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ» ") : وَفِي نُسْخَةٍ: عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ ذُكِرَ إِبْرَاهِيمُ فِي الصَّلَاةِ وَذُكِرَ آلُهُ فِي الْبَرَكَةِ، وَفِيهَا مُنَاسَبَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: ٧٣] (" إِنَّكَ حُمَيْدٌ مَجِيدٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ") : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute