٩٥٨ - وَعَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَنَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٩٥٨ - (وَعَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ) ، أَيْ: نَنْوِيَ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ، وَبِالْأُولَى مِنْ عَلَى يَسَارِهِ، وَهُمَا مِنْ عَلَى مُحَاذَاتِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: قِيلَ: رَدُّ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ سَلَامُهُ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ: يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ ثَلَاثَ تَسْلِيمَاتٍ: تَسْلِيمَةٌ يَخْرُجُ بِهَا مِنَ الصَّلَاةِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَيَتَيَامَنُ يَسِيرًا، وَتَسْلِيمَةٌ عَلَى الْإِمَامِ، وَتَسْلِيمَةٌ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ، (وَنَتَحَابَّ) : تَفَاعُلٌ مِنَ الْمَحَبَّةِ، أَيْ: وَأَنْ نَتَحَابَّ مَعَ الْمُصَلِّينَ وَسَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَفْعَلَ كُلٌّ مِنَّا مِنَ الْخَلَاقِ الْحَسَنَةِ، وَالْأَفْعَالِ الصَّالِحَةِ، وَالْأَقْوَالِ الصَّادِقَةِ، وَالنَّصَائِحِ الْخَالِصَةِ، مَا يُؤَدِّي إِلَى الْمَحَبَّةِ وَالْمَوَدَّةِ، (وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) ، أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَمَا قَبْلَهُ مُعْتَرِضَةٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَلَفْظُهُ: وَأَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَئِمَّتِنَا، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الصَّلَاةِ، أَيْ: يَنْوِيَ الْمُصَلِّي مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنَ الْبَشَرِ، وَكَذَا مِنَ الْمَلَكِ، فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّسْلِيمِ الْمُشْعِرِ بِالتَّعْظِيمِ، قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: هَذِهِ سُنَّةٌ تَرَكَهَا النَّاسُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي خَارِجِ الصَّلَاةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ; لِأَنَّ التَّحَابَّ أَشْمَلُ مَعْنًى مِنَ التَّسْلِيمِ لِيُؤْذَنَ بِأَنَّهُ فَتَحَ بَابَ الْمَحَبَّةِ وَمُقَدِّمَتَهَا.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا، وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ، وَمِنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اهـ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى تَسْلِيمِ التَّشَهُّدِ حَيْثُ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّ عِنْدَ التَّسْلِيمِ بِالْخُرُوجِ عَنِ الصَّلَاةِ لَا يَنْوِي الْأَنْبِيَاءَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute