للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنَ الصُّوفِيَّةِ (فَخَلِّهِمْ) مِنْ غَيْرِ الْبِشَارَةِ (يَعْمَلُونَ) حَالٌ. فَإِنَّ الْعَوَامَّ إِذَا بُشِّرُوا يَتْرُكُونَ الْعَمَلَ، بِخِلَافِ الْخَوَاصِّ فَإِنَّهُمْ إِذَا بُشِّرُوا يَزِيدُونَ فِي الْعَمَلِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَخَلِّهِمْ) (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) كَانَ الْمُنَاسِبُ لِدَأْبِهِ أَنْ يَقُولَ: رَوَى الْأَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةَ مُسْلِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي الْحَدِيثِ اهْتِمَامُ الْأَتْبَاعِ بِحَالِ مَتْبُوعِهِمْ، وَالِاعْتِنَاءُ بِتَحْصِيلِ مَصَالِحِهِ وَرَفْعِ مَفَاسِدِهِ، وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ الْإِنْسَانِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَرْضَى بِذَلِكَ لِمَوَدَّةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ دَخَلَ الْحَائِطَ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْقِلْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِدُخُولِ الْأَرْضِ بَلْ لَهُ انْتِفَاعٌ بِأَدَوَاتِهِ، وَأَكْلُ طَعَامِهِ، وَالْحَمْلُ مِنْ طَعَامِهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَرُكُوبُ دَابَّتِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفِ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ إِلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَأَشْبَاهِهَا، وَلَعَلَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الدَّرَاهِمِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي يُشَكُّ فِي رِضَاهُ بِهَا، وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْآخَرِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، سَوَاءٌ كَانَ الْمُفَدَّى بِهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، أَوْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>