٩٧٥ - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " «مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِيَ رِجْلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ إِلَّا الشِّرْكُ وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ عَمَلًا، إِلَّا رَجُلًا يَفْضُلُهُ، يَقُولُ أَفْضَلَ مِمَّا قَالَ» "، رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ــ
٩٧٥ - (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ) : بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ ") ، أَيْ: مِنْ مَكَانِ صَلَاتِهِ (" وَيَثْنِيَ ") : بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: وَقَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ (" رِجْلَيْهِ ") ، أَيْ: يَعْطِفَهُمَا وَيُغَيِّرَهُمَا عَنْ هَيْئَةِ التَّشَهُّدِ (وَمِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ ") : تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ وَفِي رِوَايَةٍ: " مَنْ قَالَ دُبُرَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ "، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: مَنْ قَالَ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ أَيْ عَاطِفَهُ فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ، وَمَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ هَذَا ضِدُّ الْأَوَّلِ فِي اللَّفْظِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ أَرَادَ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَ رِجْلَهُ عَنْ حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فِي التَّشَهُّدِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَثْنِي بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ (" «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ» ) ، أَيْ: فِي قُدْرَتِهِ أَوْ بِسَبَبِهَا كُلُّ خَيْرٍ وَمُلَائِمٍ لِلنَّفْسِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يُضَادُّ ذَلِكَ وَحُذِفَ تَأَدُّبًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي: وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ (" يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ ") ، أَيْ: مِنَ الْمَرَّاتِ (" عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ ") : وَالْمَحْوُ أَبْلَغُ مِنَ الْغُفْرَانِ (" وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ ") : وَالتَّأْنِيثُ لِاكْتِسَابِ الْعَشْرِ مِنَ الْإِضَافَةِ (" وَكَانَتْ ") ، أَيِ: الْكَلِمَاتُ (" لَهُ ") : كَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (" حِرْزًا ") ، أَيْ: حِفْظًا لَهُ (" مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ ") : مِنَ الْآفَاتِ (" وَحِرْزًا ") ، أَيْ: تَعْوِيذًا (" مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ") : تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ لِكَمَالِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ (" وَلَمْ يَحِلَّ ") : أَيْ لَمْ يَجُزْ، وَفِي رِوَايَةٍ، " لَمْ يَنْبَغِ " (" لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ ") ، أَيْ: يُهْلِكَهُ وَيُبْطِلَ عَمَلَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (" إِلَّا الشِّرْكُ ") ، أَيْ: إِنْ وَقَعَ مِنْهُ وَهُوَ بِالرَّفْعِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ فَإِنَّهُ فِي حِصْنِ التَّوْحِيدِ، وَقَدْ وَرَدَ " «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حِصْنِي، وَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي فَقَدْ أَمِنَ مِنْ عَذَابِي» ".
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ اسْتِعَارَةٌ مَا أَحْسَنَ مَوْقِعَهَا، فَإِنَّ الدَّاعِيَ إِذَا دَعَا بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، فَقَدْ أَدْخَلَ نَفْسَهُ حَرَمًا آمِنًا، فَلَا يَسْتَقِيمُ لِلذَّنْبِ أَنْ يَحِلَّ وَيَهْتِكَ حُرْمَةَ اللَّهِ، فَإِذَا خَرَجَ عَنْ حَرَمِ التَّوْحِيدِ أَدْرَكَهُ الشِّرْكُ لَا مَحَالَةَ، وَالْمَعْنَى: لَا يَنْبَغِي لِذَنْبٍ يُذْنَبُ أَنْ يُدْرِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute