للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وَعَنْ عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، وَأَسْرَعُوا الرَّجْعَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا لَمْ يَخْرُجْ: مَا رَأَيْنَا بَعْثًا أَسْرَعَ رَجْعَةً، وَلَا أَفْضَلَ غَنِيمَةً مِنْ هَذَا الْبَعْثِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى قَوْمٍ أَفْضَلَ غَنِيمَةً، وَأَفْضَلَ رَجْعَةً؟ قَوْمًا شَهِدُوا صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ جَلَسُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَأُولَئِكَ أَسْرَعُ رَجْعَةً، وَأَفْضَلُ غَنِيمَةً» "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الرَّاوِي ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ.

ــ

٩٧٧ - (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ) ، أَيْ: أَرْسَلَ (بَعْثًا) ، أَيْ: جَمَاعَةً، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْبَعْثُ بِمَعْنَى السَّرِيَّةِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ، (قِبَلَ نَجْدٍ) ، أَيْ: إِلَى جِهَتِهِ (فَغَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَأَسْرَعُوا الرَّجْعَةَ) ، أَيِ: الرُّجُوعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إِلَى أَوْطَانِهِمُ. انْتَهَى، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ كَمَا لَا يَخْفَى، (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا) ، أَيْ: مِنَ الْمُجَاوِرِينَ بِطَرِيقِ الْغِبْطَةِ عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ مَعْشَرِ الصَّحَابَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ; لِأَنَّ الْكُلَّ صَحَابَةٌ (لَمْ يَخْرُجْ) : صِفَةُ رَجُلٍ (مَا رَأَيْنَا بَعْثًا أَسْرَعَ رَجْعَةً، وَلَا أَفْضَلَ) ، أَيْ: أَكْثَرَ أَوْ أَنْفَسَ (غَنِيمَةً مِنْ هَذَا الْبَعْثِ) : وَلَا لِلتَّأْكِيدِ (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : مُزَهِّدًا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مُرَغِّبًا لَهُمْ فِي الْعُقْبَى، مُشِيرًا إِلَى أَنَّ الذِّكْرَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ عِبَادَةٍ عِنْدَ الْمَوْلَى (" أَلَا أَدُلُّكُمْ ") : وَفِي بَعْضِ الْأُصُولِ: " هَلْ أَدُلُّكُمْ "، (" عَلَى قَوْمٍ أَفْضَلَ غَنِيمَةً ") ، أَيْ: لِبَقَاءِ هَذِهِ وَدَوَامِهَا وَفَنَاءِ تِلْكَ وَسُرْعَةِ انْقِضَائِهَا (" وَأَفْضَلَ رَجْعَةً ") : لِأَنَّ أُولَئِكَ رَجَعُوا بِحِيَازَةِ دَارِ الْمَتَاعِبِ وَالْمِحَنِ وَالْمَصَائِبِ وَالْفِتَنِ، وَهَؤُلَاءِ يَرْجِعُونَ بِحِيَازَةِ دَارِ الثَّوَابِ وَالرَّاحَةِ وَذَهَابِ الْحُزْنِ (" قَوْمًا ") : قَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ: أَعْنِي أَوْ أَذْكُرُ قَوْمًا عَلَى الْمَدْحِ (" شَهِدُوا صَلَاةَ الصُّبْحِ ") : يُحْتَمَلُ حَضَرُوا جَمَاعَتَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَدْرَكُوا وَقْتَ أَدَائِهَا (" ثُمَّ جَلَسُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ") : وَفِي نُسْخَةٍ: حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ (" فَأُولَئِكَ أَسْرَعُ رَجْعَةً ") ، أَيْ: إِلَى أَهْلِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ لِانْتِهَاءِ عَمَلِهِمُ الْمَوْعُودِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ بَعْدَ مُضِيِّ نَحْوِ سَاعَةٍ زَمَانِيَّةٍ، وَأَهْلُ الْجِهَادِ لَا يَنْتَهِي عَمَلُهُمْ غَالِبًا إِلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " وَبِهَذَا الَّذِي قَرَّرْتُهُ يَتَبَيَّنُ بُعْدُ قَوْلِ الشَّارِحِ سَمَّى الْفَرَاغَ رَجْعَةً عَلَى طَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ، وَيَكُونُ اسْتِعَارَةً؛ شَبَّهَ الْمُصَلِّيَ الذَّاكِرَ أَوْ فَرَاغَهُ بِالْمُسَافِرِ الَّذِي رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، كَمَا قِيلَ: " «رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ» " اهـ.

وَوَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ لَمْ يَحْسُنْ إِخْرَاجُهُ عَنْهَا إِلَى مَجَازِهِ، سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِيهِ تَكَلُّفٌ وَخُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ لِذَلِكَ، قُلْتُ: يَكْفِيهِ الدَّاعِي وَالْبَاعِثُ لِهَذَا الْمَجَازِ أَنْ يَصِحَّ عُمُومُ الْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ، كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، فَتَدَبَّرْ (" وَأَفْضَلَ غَنِيمَةً ") ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : يَحْتَمِلُ مَتْنًا وَإِسْنَادًا (وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الرَّاوِي) : بِسُكُونِ الْيَاءِ، فَرَّعَ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ لِمَزِيدِ الْإِيضَاحِ وَالْبَيَانِ (هُوَ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ) ، أَيْ: فِي عُرْفِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، أَوْ ضَعِيفٌ فِي حَدِيثِهِ لِنَحْوِ سُوءِ حِفْظِهِ، أَوِ اخْتِلَاطِهِ لَا فِي دِينِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>